في المقال الماضي تعرضت لمحاكم الاعتقال الإداري العسكرية، حيث أثبتنا أنها مهازل وليست محاكم، وبالأمس طالعتنا محاكمهم بحكم عمر العبد..
لماذا يبتسم الأسير عمر العبد وهو يسمع حكم القضاء العسكري عليه في محكمتهم العسكرية؟، حكموه أربعة مؤبدات ومليوني شيكل وعدم الإفراج عنه في أية صفقة تبادل قادمة، بالفعل هكذا حكم، بهذه الطريقة الجنونية التي أمعنت في اللامعقول، تثير الضحك وليس الابتسامة فحسب، لماذا يضحك الناس عادة على فعل مجنون؟ لأنه يأتي بما لا يدخل في العقل فيثير الضحك.. في أي عقل يدخل حكم أربعة مؤبدات لشخص واحد؟ وفي أي عقل تدخل قيمة هذه الغرامة ثم القرار بخصوص عدم الإفراج عنه في صفقة تبادل، ومن المعلوم أن في صفقات التبادل تُضطر حكومة الاحتلال للإفراج عن مؤبدات غير مختارة، وإنما مرغمة على ذلك.
يبتسم عمر وهو يرى أمامه هذه المسرحية التي تكشف عن حجم السفاهة التي يتمتعون بها، يرى أناسا لا يعرفون كيف ينفسون عن أحقادهم التي تملأ صدورهم، فيتصرفون تصرف صبي طائش دون أي حكمة أو رشد أو غاية معقولة لهذا الإخراج السيئ لمهزلة تسمى "محكمة".
يبتسم عمر وهو يرى كيف يركبون أعلى ما في خيلهم، وكيف يعبرون عن حجم غيظهم الذي يملأ صدورهم، بينما هو يعلم علم اليقين أن الحكم الذي سيقضيه في السجن هو مقسوم مكتوب من خالقه وخالق العالم كله وخالق هؤلاء الجالسين خلف منصة الحكم المزيفة، يقررون ألا يخرج في صفقة تبادل، وهذا دليل على رعبهم وهلعهم مما تخبئه الأيام وما تبشر به من صفقات تبادل يحرر فيها الأحرار، ولو بلغت مؤبداتهم عنان السماء.
يبتسم عمر وهو يرى وجوههم المسودة والحيرة التي تملأ عيونهم، ضاقت بهم الدنيا بما رحبت وجاؤوا إلى فلسطين ليقيموا كيانهم على أرض ليست لهم، حتى إذا شعروا بلذة الانتصار جاءهم ابن خلدون ليقول لهم دوام الحال من المحال، وجاءهم عمر العبد وهو يقول لهم انتهت اللعبة ودقت ساحة تغير الحال.. لن يبقى الظالم بقوته معمرا على هذه الأرض، هناك مخزون هائل من القادرين على إثبات أنكم لستم أقوياء وبما يملكون من عزيمة الرجال وتصميم الأوفياء.
ويبتسم عمر وصورة أسرى المؤبدات من بلدته الذين خرجوا بصفقات تبادل.. يبتسم وهو يستذكر إشراقة بلدة كوبر ذات صباح عندما باتت ونائل وعمر وفخري البرغوثي أقماراً منيرة لسمائها.
كم من المؤبدات خرجت عنوة رغم أنوفهم، هذه المحكمة تبقى قراراتها حبرا على ورق، بينما تلك المعمدة بدماء الشهداء تملك أقداما تسير على الأرض.. أحد المؤبدات المحررة أذكر يوم محكمته قال للقاضي بعد سماعه بحكم المؤبدات: " اقضِ ما أنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياة الدنيا"، وبالفعل اليوم هو حي يرزق خارج السجن بعد الإفراج عنه في صفقة تبادل. وغيره كثيرون من الذين أرادت لهم محاكم الاحتلال الموت في السجون فكتب الله لهم الحياة.. حياة عزيزة كريمة قررتها لهم محكمة السماء.