بداية لا بد من معرفة طبيعة هذه المحاكم وعلاقتها بالاعتقال الإداري عندئذ ندرك تماما لماذا تقاطع هذه المحاكم ..
ان تسمية ما يحدث من مثول المعتقل الاداري امام قاض عسكري في غرفة تأخذ شكل المحكمة محكمة فيها تجنٍ كبير على هذا المسمى .. المسمى المناسب الذي يتلاءم مع ما يحدث هو مهزلة وليس محكمة ، بعد الاعتقال مباشرة وفي غضون اثنتين وسبعين ساعة يمثل المعتقل امام قاض عسكري ليبلغ المعتقل بقرار اعتقاله وتوقيفه حيث تسمى محكمة توقيف ، ينتظر المعتقل في السجن حتى تقدم المخابرات تقريرا للمحكمة وهذا التقرير يكون سريا لا يطلع عليه المعتقل ولا محامي الدفاع ثم يستدعى ثانية لجلسة محكمة تسمى محكمة التثبيت اي تثبت هيئة المحكمة ما كتبت المخابرات في تقريرها السري من فترة اعتقال .. عندئذ من حق المحامي ان يستأنف على هذا القرار فيؤتى بالمعتقل ليستمع القاضي الى طرفين : طرف وهو المخابرات حيث تقدم تقريرها السري الذي لا يطلع عليه احد سوى القاضي والطرف الثاني هو محامي المعتقل الذي يأتي للدفاع دون ان يرى لائحة اتهام او يطلع على شيء من محتويات الملف السري .. فهل ترى القاضي العسكري يأخذ برأي مخابراته أم براي المعتقل ومحاميه ؟؟
الاجابة معروفة عادة ما يكون الشأن كله لاعتبارات التقرير السري الذي تقدمه المخابرات .. بعد ذلك من حق المعتقل أن يتوجه لما تسمى المحكمة العليا وهي كسابقاتها تأخذ بالتقرير السري دون الكشف عن اي جزء من محتوياته لا للمعتقل ولا لمحاميه ..
وعدا عن هذه الممارسة التي تأخذ شكل المحكمة والقانون دون ان يكون لها اي نصيب منها فان هناك تعذيبا نفسيا للمعتقل وأهله ، إذ إن كل مرة يجري فيها زيارة المحكمة لا بد وان تتسلل بعض الآمال بالحرية وان يذهب المعتقل بخياله خارج السجن وان تداعب مشاعر الاهل لحظة الانعتاق والتحرر من هذا الاعتقال . وهكذا تستمر لعبة الاعتقال الاداري بمحاكمها الهزلية يصل المعتقل الى حافة الحرية نهاية كل فترة فاذا بهم يعيدوه من جديد الى فترة اعتقال جديدة ، وكم يتمنى المعتقل ان تبلغه المخابرات كم تريد ابقاءه في السجن دفعة واحدة ليرتاح من هذه الحرب النفسية هو وأهله .
ثم رحلة البوسطة الى هذه المحاكم رحلة من العذاب حيث السفر على مدة اربعة ايام في رحلة لا تستغرق اربع ساعات على ابعد تقدير . من سجن مجدو في الشمال مرورا بعدة سجون يمكثون على بوابة كل سجن ساعة او ساعتين والاسير في صندوق حديدي يكتوي بحر الصيف صيفا او زمهرير الشتاء في فصل الشتاء . وزد على ذلك آلام التفتيشات النفسية وعربدة زبانية البوسطة وما الى ذلك من ممارسات واجراءات لا يقصد منها الا الاهانة والتعذيب النفسي المرير .
وواضح ان الهدف من هذه المحاكم هو اضفاء الشكل القانوني على ممارسات غير قانونية لذلك من المهم جدا هذه الخطوة التي قام بها المعتقلون الاداريون وهي مقاطعة المحاكم فلتستمر ولتحظى بتغطية اعلامية تفضح هذه الممارسات وتفتح ملف الاعتقال الاداري على مصراعيه محليا ودوليا .