فلسطين أون لاين

​خبايا وكواليس قرار 2334 بوقف الاستيطان

...
جانب من جلسة لمجلس الأمن (أ ف ب)
القدس - الأناضول

اتسم الحراك الدبلوماسي الفلسطيني لتمرير القرار ضد الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي بالهدوء والسرعة في آن معاً.

فمن ناحية، سعى الفلسطينيون بشكل هادئ للحصول على الموافقة الدولية على القرار، ومن ناحية أخرى سارعوا بتقديمه إلى مجلس الأمن لمفاجأة دولة الاحتلال الإسرائيلي .

ولم يأتِ القرار وليد حدث معين، لكنه تراكم سنوات من التصعيد الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، إلى حد تشكل فيه إجماع دولي بأن الاستيطان عقبة في طريق حل الدولتين القاضي بإقامة دولة فلسطين إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي .

وكان الفلسطينيون قد لوحوا مراراً خلال العامين الماضين، بالتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار باعتبار الاستيطان غير قانوني.

وكشف مسؤول فلسطيني كبير ، خبايا التحضيرات لاستصدار القرار.

وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه: "بلغ الأمر ذروته خلال الأشهر الأخيرة وكنا نلح من خلال اللجنة الوزارية الرباعية العربية (برئاسة مصر وعضوية فلسطين والأردن والمغرب والأمانة العامة لجامعة الدول العربية) من أجل تقديم مشروع القرار إلى مجلس الأمن".

غير أن انشغالات عضو أو أكثر من اللجنة، كانت تؤخر انعقادها، وفي مرحلة ما اختلف أعضاؤها في تقييم الموقف بشأن تقديم مشروع القرار أو التريث بشأنه.

وأوضح المسؤول الفلسطيني: "كان موقفنا دائماً هو التقدم بمشروع القرار، ولكن في اللجنة كانت هناك آراء تريد الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومن ثم بعد ظهور نتائج الانتخابات وفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب قيل لننتظر لما بعد تسلمه الرئاسة".

وأضاف:" انتظرنا إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولكن ليس بالإمكان الانتظار حتى قدوم ترامب، خاصة وأننا نعلم جيداً مواقفه المؤيدة لليمين الإسرائيلي المتطرف".

وفي الثلاثين من الشهر الماضي، كان الفلسطينيون قد أنهوا صياغة مسودة جديدة لمشروع القرار أخذت بعين الاعتبار نتائج المشاورات التي جرت ما بين السفراء العرب في الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن.

مسؤول فلسطيني آخر، قال إن "المتعارف عليه في قرارات مجلس الأمن هو إعداد صيغة والتشاور بشأنها مع الدول الأعضاء وفي حال برز تعديل أو فكرة جديدة قد تسهم في إعطاء قوة أكبر للقرار فيتم الأخذ بها، شريطة ألا تؤثر على ثوابت الموقف السياسي".

وتابع: "بالفعل جرت مشاورات مع العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة وتم الاستماع إلى ملاحظاتها، وفي هذا الصدد فإن ما يقال إسرائيلياً عن تفاوض فلسطيني-أمريكي على صيغة القرار غير صحيحة وإنما كان هناك كما هي العادة في هذه الحالات الاستماع إلى ملاحظات".

ولم يكشف المسؤول عن طبيعة الملاحظات الأمريكية.

في تلك الأثناء، كانت نيوزلندا مستاءة من التأخر العربي، في تقديم مشروع القرار إلى مجلس الأمن.

وذكر دبلوماسي فلسطينيل أن نيوزلندا قالت للأطراف المعنية، إنه في حال عدم تقديم مشروع قرار عربي، فإنها ستقدم مشروع قرار من جانبها بشأن عملية السلام.

وانعقدت اللجنة الوزارية، الخاصة بالرباعية العربية في التاسع عشر من الشهر الجاري في القاهرة، وبحثت نتائج مشاورات السفراء العرب في الأمم المتحدة بشأن تقديم مشروع القرار.

لكن المواقف التي صدرت في نهاية الاجتماع، لم تشي بتحديد موعد محدد لتقديم مشروع القرار.

وقالت مصادر إسرائيلية لوسائل إعلام، إنه على ضوء ذلك قررت حكومة بنيامين نتنياهو خفض مستوى التأهب على صعيد المجلس الأمن بعد أن ساد الاعتقاد بأن تقديم مشروع القرار قد تأجل إلى بداية العام المقبل، أو ما بعد تسلم ترامب الرئاسة في العشرين من الشهر المقبل.

وفي مساء الحادي والعشرين من ذات الشهر، طلب الفلسطينيون من مصر، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، تقديم مشروع القرار باللون الأزرق إلى سكرتارية الأمم المتحدة لعرضه للتصويت.

وبالفعل، ففي ذات الليلة قررت السكرتارية عرضه للتصويت في الساعة العاشرة من مساء اليوم التالي في مجلس الأمن.

دبلوماسي فلسطيني آخر، قال: "أردنا أن نكمن لـ(إسرائيل)...كان كميناً كي لا تتمكن من استخدام أسلوبها المتبع في الترغيب والترهيب ضد الدول الأعضاء، أردنا أن لا تحصل (إسرائيل) على الوقت الكافي وبالفعل فقد شكل ذلك مفاجأة كبرى لها".

وبدت المفاجأة واضحة على (إسرائيل)، ففي الساعة السادسة من صباح اليوم التالي، كان مكتب نتنياهو، يوزع بياناً مكتوباً يدعو الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار.

وجاء في نص الدعوة الإسرائيلية:" على الولايات المتحدة أن تستخدم الفيتو ضد مشروع القرار المعادي لـ(إسرائيل) الذي سيطرح اليوم في مجلس الأمن".

واتبع نتنياهو ذلك بإلغاء مواعيده المقررة في الثاني والعشرين من الشهر، من أجل التفرغ لإجراء الاتصالات.

وأخذاً بعين الاعتبار، أن لا وقت كاف أمام (إسرائيل) للتحرك باتجاه الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فقد طلب نتنياهو من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب التحرك.

وعلى الفور، قال ترامب في تصريح مكتوب نشره على صفحته في مدونات "تويتر" :" يجب استخدام الفيتو ضد القرار قيد النظر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن (إسرائيل)".

وأضاف "لقد حافظت الولايات المتحدة لفترة طويلة (على الموقف بأن)، السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يتحقق فقط من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين وليس من خلال فرض الشروط من قبل الأمم المتحدة".

وفي الغضون فقد جرى اتصال هاتفي بين ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وقالت الرئاسة المصرية في بيان لها:" تناول الاتصال مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي حيث اتفق الرئيسان على أهمية اتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية".

وفي ساعات مساء ذات اليوم، أبلغ المندوب المصري لدى الأمم المتحدة، سكرتارية المنظمة الدولية بتعليق التصويت على مشروع القرار.

وبحسب أكثر من مسؤول فلسطيني فإن الجانب الفلسطيني لم يعلم مسبقا ً عن قرار التأجيل.

وعلى إثر اجتماع للمندوبين العرب في الأمم المتحدة، تقرر عقد اجتماع في القاهرة للجنة الوزارية العربية التي ترأسها مصر.

وأضاف الدبلوماسي الفلسطيني : "قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه تم تعليق التصويت لعدم اطمئنان مصر لتمريره في مجلس الأمن".

ولكن إلى جانب مصر، فإن ثمة 4 دول أخرى رعت مشروع القرار وهي فنزويلا، نيوزلندا، السنغال وماليزيا التي بدورها توجهت برسالة إلى مصر تحديد موقفها النهائي حتى صباح الجمعة، عما إذا ما كانت ستعرض مشروع القرار للتصويت أو ستسحبه.

ووفق دبلوماسي فلسطيني يعمل في الأمم المتحدة ، قال المندوب المصري في المنظمة الدولية لممثلي الدول الأربعة إن بلاده "قررت سحب مشروع القرار نهائياً".

وأشار إلى أنه "على ضوء ذلك قادت نيوزلندا الدول الثلاثة الأخرى في الطلب من سكرتارية الأمم المتحدة تحديد موعد للتصويت على مشروع القرار".

وتم تحديد مساء الجمعة للتصويت على مشروع القرار الذي أصبح يحمل الرقم 2334 بعد تصويت 14 دولة لصالحه وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، ويدعو (إسرائيل) إلى الوقف الفوري والكامل لأنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.