عياش حي لا تقل عياش مات... أو هل يجف النيل أو نهر الفرات ؟
بهذه الكلمات بدأ الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي قصيدته عن الشهيد المهندس يحيى عياش، لم يكن الرنتيسي يقصد عياش الجسد، بل عياش الفكرة والمنهج والعنفوان في مقاومة الاحتلال بكل وسيلة ممكنة.
لم يكن شعر الرنتيسي ضرباً من الخيال، بل هو حقيقة لا ينكرها أحد، فنموذج عياش لم ينعدم ولم ينته ولن ينتهى إن شاء الله ، وأن الصهاينة وإن نجحوا في اغتيال جسد عياش ، فإن فكرة عياش لا تموت، طالما أن في المسلمين عرقا ينبض بالحب لهذا الدين، وهذه الارض التي باركها الله من فوق سبع سماوات.
عند مدخل البؤرة الصهيونية (حفات جلعاد) قرب مدينة نابلس ، خرجت مجموعة من شباب فلسطين، وقالوا كلمتهم عبر زخات الرصاص فقتلوا المغتصب الصهيوني (ازرائيل شيفح)، كانت تلك الحادثة فاجعة للأمن الصهيوني حيث خاب ظن الصهاينة وعبيدهم الذين توهموا بأن الجهود المضنية التي بذلوها من أجل جعل الضفة الفلسطينية صحراء قاحلة لا تنبت فيها بذور المقاومة، قد أينعت واثمرت، وقد خلت من عنفوان الثورة، وأن رحمها أصبح عاقراً ولم يعد قادراً على إنجاب من يحمل الراية أو يرفع السلاح في وجهه، كي يخلو لهم من وما فوق الارض وما تحتها ويفعلوا ما يحلو لهم، لكن مشيئة الله اقوى من كل الجهود، فكما يبعث الله للمسلمين على رأس كل مئة عام من يجدد لهم امر دينهم، فإن الله يبعث للانتفاضة كل فترة من يجدد الدم في عروقها ويزيد من وهجها كي تبقى مشتعلة في قلوب الشرفاء .
ولأن تل ابيب لا تعرف النسيان فقد استنفرت قواتها وعبيدها للبحث عن المنفذين حتى وصلوا لمبتغاهم ، حيث إنه في مدينة جنين وتحديدا في بلدة اليامون حيث ابطال العمليات الاستشهادية الذين زرعوا الرعب في قلوب بني صهيون، كان الموعد مع الاشتباك مع المجاهد احمد جرار حتى تم اغتياله ، فقال حينها وزير الحرب الصهيوني ليبرمان معبرا عن فرحته بعميلة الاغتيال ب (اغلقنا الحساب) بعد عملية مطاردة استمرت اسبوعين تقريبا.
يتباهى ليبرمان بأنه اغلق الحساب مع احمد جرار، رغم أن أحمد ليس دولة وليس جيشاً، ولم يلتحق بأكبر الكليات الحربية ، احمد شابٌ وسيمٌ في مقتبل العمر لا يملك الا الارادة في قلبه ويحمل بندقية على كتفه، وروحه على راحيته، فقاتل حتى لقي الله شهيدا.
أمام هذه العملية الصهيونية في قلب مدن الضفة الفلسطينية من مطاردة وملاحقة واغتيال ، ثمة اسئلة لا بد من طرحها.
هل كانت اسرائيل تصل لجرار لولا مساعدة من الاجهزة الامنية الفلسطينية ، أين كانت الاجهزة الفلسطينية المتمكنة من الضفة حين تمت عمليات المطاردة والاغتيال، أليست جنين في الضفة الفلسطينية ؟ أين دعاة تمكين الحكومة من غزة لحمايتها ؟
إن عملية مطاردة جرار واغتياله تؤكد أن التنسيق الامني مستمر ولم يتوقف، وأن الادعاء بتوقيفه أو تجميده هو من باب الدعاية الاعلامية لكسب ود الجمهور، لأن التنسيق الأمني مقدس، فكيف لمقدس أن يتوقف وهو الذي يعتبره قادة السلطة انبوب الاكسجين الذي يتنفسون من خلاله.؟
نعم نجحت قوات الاحتلال في اغتيال أحمد جرار،،، وأنهت حياته، لكنها لن تنجح في إنهاء نهجه واقتلاع فكرته من قلوب الشرفاء الذين يسيرون على ذات الدرب.
لن ينسى الشرفاء صنيعك يا احمد ، فقد رفعت الرأس عاليا، وأبيتَ إلا أن تلحق بركب أبيك شهيداً،، ولن ينسى الصهاينة اسمك لأنك من الذين مرغوا أنفها في التراب، فكيف لدولة تتباهى بأنها تملك ما لا تملكه الدول العربية من عدة وعتاد وتتفاخر بأنها هزمت جيوشا كبرى في ستة ايام؟ ، وكيف لدولة تدعي أنها قوية ؟ وتبقى في حيرة من امرها اكثر من اسبوعين تطارد رجلا يقول فلسطين وطني وارحلوا عنها ايها الغزاة.
أخيراً: نخجل أن نكتب بمداد القلم عن الذي يكتب بمداد الدم، لأن حروفنا تتواضع وتنحني هاماتها امام عظمة افعاله، فقد لا تليق كل كلماتنا بمقام المقاوم ، لكن أصغر فعل من المقاوم يرفع رأسنا ورأس الحروف ، نحن نكتب ونعرف أن ألف قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد، لكنها سنة الله, (ورفع بعضكم فوق بعض درجات (.