يقول الدكتور ميسرة طاهر، الاستشاري النفسي والأسري، إن الطفل يستطيع تحمل المسؤولية والقدرة على اتخاذ القرار في حياته عند أولى خطواته، أي ما يقارب العام تقريبا؛ لأنه إذا سقط في خطواته الأولى فإنه يحتاج قرارًا ليقف، فإذا ما جرى نحوه والداه وعمته وإخوته لينقذوه ويساعدوه نشأ طفلا اتكاليًا.
ربما يكون هذا الأمر خطيرًا بعض الشيء، لكن الأخطر والأدعى أن نأخذ الحيطة والحذر منه هو ما يقوله د. يزن عبده، الأخصائي التربوي والأسري، بأن علينا البدء بتدريب الطفل على الثقة بالنفس والمسؤولية وهو جنين في بطن أمه، في الشهر الرابع من الحمل.
فحسب اعتقاده أن الجنين كما ينمو جسديا فانه ينمو عقليا وروحيًا، وأن العلاقة الروحية والعاطفية بين الزوجين تؤثر على سعادة الطفل وثقته بنفسه.
وقوله إنه كلما كانت العلاقة إيجابية بين الزوجين، أدى ذلك إلى نشوء أبناء أكثر ثقة، وذكاء، بل إن التواصل الإيجابي مع الجنين كأن أضع يدي عليه أو أتحدث معه وأحاوره هو من الأمور المهمة التي تنمي ثقة الطفل بنفسه وتجعله أكثر ذكاءً ومسؤولية.
الثقة والمسؤولية واتخاذ القرار كلها مفاهيم تتمحور حول مفهوم القيادة.
إن كانت القيادة تبدأ في نظر بعضهم من عمر العام، و من نظر البعض الآخر في الشهر الرابع من العمر، أي قبل أن يصبح طفلاً على ظهر الأرض، فأنا باعتقادي أن الطفل بدأ حياته بقرار منه شخصيًا، قرر الوالدان بعد إرادة الله تعالى أن ينجبا طفلاً، فبعد توفيق الله وتيسيره رزقهما طفلاً، و لكن الطفل جاء بعدما اتخذ هو قراراً كان مسؤولاً عنه وهو نطفة أن يسبق الجميع ليلقح البويضة، فبدأ ظهوره بهذه المسؤولية فكان قائداً منذ اللحظة الأولى حين أثبت أنه الأفضل والأقوى والأجدر بالثقة.
كل إنسان فينا يجب أن يثق بنفسه وقدراته ، وأنه هو الأفضل مما كان عليه سابقاً.
هذا المفهوم هو الذي علينا غرسه في أبنائنا "أنت أفضل مما سبق"، بدلاً من مفهوم أنت أفضل من غيرك.
كثير من الأمور والمفاهيم القيادية نستطيع غرسها في أبنائنا من خلال الحياة اليومية، وعكس ذلك يحدث من التدمير الحقيقي لشخصياتهم يكون في الغالب نتيجة تربية خاطئة أو عدم فهم.
أن يكون ابنك طفلاً مميزاً وقائداً فهذا يعني الكثير.
إن أهمية تربية ابنك كقائد منذ نعومة أظفاره هي أمر جاد حقاً؛ لأن أفضل مرحلة لصنع القادة هي في أول سبع سنين من عمر الطفل، ففي هذه المرحلة الحساسة والمهمة جداً تغرس العقيدة والقيم والمبادئ وتتشكل شخصية الإنسان وتوجه الاهتمامات.
لذلك علينا كآباء وأمهات ومعلمين أن نسعى لتربية قادة ولتنمية مهاراتهم وتوجيه اهتماماتهم، ولهذا فإن من أفضل الطرق لتحقيق كل ذلك هي طريقة القدوة والصداقة.
وذكر الدكتور طارق السويدان صفات القائد ومن أهمها الثقة بالنفس وحب التعلم والجرأة والتوازن وسعة أفق التفكير.
ونحن باستطاعتنا غرس حب التعلم فيهم من خلالنا، فالكلمات الإيجابية والمحفزة والعبارات التشجيعية هي من أقوى الدوافع المؤثرة.
باستطاعتنا أيضاً أن نقدم لهم ألغاز ومسابقات وألعاب تركيز لنوسع آفاقهم.
بإمكاننا أيضاً أن نطلعهم على الآراء المخالفة ونتقبلها بهدوء واتزان.
بإمكاننا أن نترك لهم فرصة الاختيار في أبسط الأمور مثل ألوان ملابسهم، غرفهم، وجبة طعامهم.
إني أؤكد أن الدور الأساس لتربية الطفل كقائد يعود على المعلم أو الأب والأم القدوة، فإما أن نثق بأبنائنا ونصنع منهم شيئاً عظيماً، وإما أن نتوقع الأقل فنهدر الشيء الكثير.
أذكر أن أماً تعلمت مع ابنتها برنامج فوتوشوب، وكانت ابنتها صغيرة جدا ولكنها فاقت أمها ذكاء ومهارة مما أدهش أمها بذلك.
هذه الطاقات الصغيرة علينا استثمارها جيداً واكتشافها قبل أن تدمرها بعض الأنظمة البائسة في مجتمعاتنا.