يعلم السياسيون في العالم أن شعب غزة عصي على الانكسار، فمورست عليه أبشع أنواع الحروب وصمد أمامها بكل جدارة، فاليوم يحاول فرعون العصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بكل قوة أن يحوز على لقب القاضي على القضية الفلسطينية، ويحاول أن يأتي بصفقة من وجهة نظره ستنهي وجع الرأس العالمي وهي القضية الفلسطينية، أطلق عليها صفقة القرن أي منذ مئة عام لم يأت بمثلها أسلافه رؤساء الولايات المتحدة، منذ اليوم الأول لرئاسته وهو ينفذ بنودها التي رسمها مع المخابرات الأمريكية والصهيونية بكل سرعة وكأنه يسابق الزمن، فبدأ بمنح قرار للكيان بيهودية القدس والأمة الإسلامية استقبلت الخبر وكأنها مريضة في العناية المركزة فلم ترتق فعاليات رفضها للقرار لمستوى خطورته على المدى البعيد، ولكن ترامب سبق هذا القرار بقمة عربية اسلامية أمريكية كانت في مهبط الرسالات لماذا يا ترى؟ وكأنه يقول لنا كل رؤسائكم اليوم أعطوني البيعة على تدمير الدين الإسلامي والقضية الكبرى قضية فلسطين، فخرج علينا بقرار ايقاف نصف المساعدات الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، فقطع عنها ما يقارب 65مليون دولار تقدمها الادارة الأمريكية كدعم غذائي ومالي لتتمكن من تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين الموجودين في مناطق عمل الوكالة الخمسة، واليوم يشترط لعودة كامل الدعم للوكالة بشطبها حق العودة والكلمات التي تصف الكيان الصهيوني بعبارات الاجرام، والعبارات التي تعتبر القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين من المنهاج الفلسطيني التي تدرسه مدارس الأونروا بغزة، بظنكم ماذا نفهم من هذا كه أليس هو تطبيق لصفقة القرن يا سادة؟
العالم كله اليوم يغض الطرف عما تفعله دولة الكيان ودول الجوار والسلطة الفلسطينية من تشديد الحصار على أهل غزة لماذا؟ الجواب أنهم يريدون نزع كل مقومات الصمود من أهل غزة فنسبة البطالة وصلت لأعلى معدلاتها منذ سنين، والصحة أصبحت غير قادرة على تقديم خدماتها للمرضى وباتت تغلق مرافقها واحد تلو الآخر، ونسبة الفقر عند عموم الناس وصلت لمؤشرات خطيرة، والضرائب تفرض دون رحمة وآخرها ضريبة القيمة المضافة على الاتصالات التي عادت بمرسوم رئاسي، والمصالحة بين دولة رام الله ودولة غزة متعثرة للغاية، فالموظفون يناجون الله عز وجل بانقشاع هذه الغمة، كل هذا الذي يجرى اليوم من كل الأطراف هو لثني أهل غزة عن دعم المقاومة والانفكاك من حولها، بل يحاولون إضعاف الجبهة الداخلية الغزية وإفراغها من كل مقومات الصمود حالوقوع حرب على المقاومة فهل يتحقق مرادهم؟
تأَمل أهل غزة بالمصالحة خيراً وتنفسوا الصعداء عندما بادرت حركة حماس بالتواصل مع الجانب المصري لجمع طرفي الانقسام البغيض على طاولة واحدة لحل كل اشكاليات هذا الانقسام، وبدأت الاجتماعات المكوكية بالانعقاد وسلمت الوزارات والمعابر بكل أريحية لحكومة التوافق، ومع ذلك خرجت علينا بعض الوجوه الغريبة تقول نريد التمكين فوق الأرض وتحتها وكأنهم يريدون سلاح المقاومة بعينه ليريحوا قلوب الصهاينة ويمكنوهم من رقاب أولئك الذين عرفوا الطريق في ظل السواد والليل الداكن الذي يعم المعمورة فهل سيكون ذلك؟ وهل سيصبر أهل غزة وسيقطعون أيدي المتآمرين عليهم؟ هل سيبقى أهل غزة محتضنا للمقاومة رغم ما أصابهم من جراء هذا الاحتضان؟
فهل سيجد أهل غزة من قيادات السلطة ورئيسها استدراكا لما يحصل لأهل غزة وتفويت الفرصة على كل من يريد تصفية القضية بمقاومتها العتيدة ؟ لكِ الله يا غزة.