فلسطين أون لاين

​3 قرارات طامحة كانت سببًا في إطاحته

إقصاء تجربة أصغر رئيس بلدية تفضح هيمنة أمن السلطة على البلديات

...
فتحي أبو سعدة (أرشيف)
طولكرم / غزة - يحيى اليعقوبي

"تجربتي تفضح السيطرة الأمنية على البلديات بالضفة الغربية. من يخالف النمط الأمني يجب أن يخرج بكل الطرق".. هذا خلاصة تجربة ستة شهور من العمل كرئيس لبلدية قرية "علار" الواقعة شمال طولكرم والتي انتهت "بالانقلاب" على الشاب فتحي أبو سعدة (31 عاما) أصغر رئيس بلدية في فلسطين.

تجربة الشاب أبو سعدة والذي ترأس شركة "انفايروتيك" للمقاولات والاستثمار بمدينة رام الله قبل وبعد فوزه في رئاسة بلدية علار في الانتخابات البلدية الأخيرة، كانت حافلة بالمطبات والعقبات، وانتهت بإقالته بقرار من وزير الحكم المحلي حسين الأعرج بداية ديسمبر/ كانون أول الماضي أثناء سفره في رحلة عمل خارجية برفقة وفد من اتحادات البلديات إلى ألمانيا دون إبلاغه من قبل الوزير بالقرار، والإعلان عن حل المجلس البلدي وتشكيل لجنة تسيير أعمال لإدارة البلدية.

"عدم الخروج على النص العام والتوجهات الرسمية" كان هذا شرط السماح لأبو سعدة كما يتحدث لصحيفة "فلسطين" وجهته إليه جهات رسمية وأمنية للموافقة على عودته لرئاسة البلدية، والذي بدوره رفض الشرط، معتبرا أن رئاسة البلدية أمانة يجب أن يتمتع خلالها رئيس البلدية بصلاحيات تمكنه من تنفيذ مشاريع جديدة وتخدم القرية.

يضيف أبو سعدة: "بعد قرار الاستقالة الذي لم أوقع عليه، لم يتحدث معي الوزير الأعرج. لم استطع التوجه للقضاء الفلسطيني، لأن الحكم المحلي تحفظت على قرار الإقالة حتى لا اتوجه للمحاكمة، علما أن التوجه لمحكمة العدل العليا يتطلب إحضار قرار الوزير بالإقالة، وقرار جلسة استقالة أعضاء المجلس البلدي، وقرار تعيين لجنة تسيير الأعمال، وكلها منعت من الحصول عليه".

3 قرارات

وعلى أية حال، ثمة ثلاثة مشاريع وقرارات نفذها أبو سعدة، كما يتابع، كانت سببا رئيسا في ذلك "الانقلاب"، الأول كان مشروع إنشاء محطة كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية تغطي 7 قرى ويستفيد منها 35 ألف نسمة بدلًا من شراء الكهرباء من الاحتلال الإسرائيلي.

ويكمل أبو سعدة: "اعتبر أنه يجب تنفيذ المشروع من سلطة الطاقة وليس البلدية، ولا يجب أن نباشر العمل فيه، رغم أننا وقعنا عقد شراء الأرض وكل ما يلزم للمشروع".

أما القرار الثاني الذي اتخذه الشاب أبو سعدة، فهو إعفاء أهالي الشهداء والأسرى من كل الضرائب والالتزامات من المياه والكهرباء، ويضيف: "اعتبر القرار مخالفا للقانون رغم أنه يحق لي كرئيس بلدية اتخاذ قرارات بأمر مباشر حسب القانون الفلسطيني".

والقرار الثالث، والكلام لأبو سعدة، هو غرق أحد المواطنين في أحد المسابح التابعة للبلدية والذي يعاني من مشاكل هندسية مما أدى لوفاته حيث كان يعيل أسرة، ويواصل: "حاولت زوجته رفع قضية على البلدية لكن نتيجة الزعرنة من جهات أمنية تم منعها، ولم تحصل على أية تعويض"، وفق تعبيره.

يتوقف عند هذا الحدث: "قررت تعويضها وتوظيفها في البلدية، لأن لديها طفلا يتيما، خاصة أن القانون يتيح لي اتخاذ قرار بالأمر المباشر مقابل اسقاط حقها في البلدية، مما اعتبرته جهات أمنية بالمحافظة مخالفا".

ويقول أبو سعدة: "القرارات السابقة دفعت لتحريض أعضاء المجلس البلدي أحدهم ينتمي لجهاز الأمني الوقائي وهو سفيان شديد رئيس البلدية السابق الذي استمر في رئاسة البلدية 14 عاما، وتم الاتفاق على توقيع كتاب استقالة جماعية أثناء سفري في رحلة العمل في ألمانيا".

استقالة غير قانونية

ويتابع: "بعدما عدت من ألمانيا حينما علمت بقرار الاستقالة الجماعية، استقبلني جموع من المواطنين في بلدة علار لمست فيهم التضامن معي وإحباطهم مما جرى. لا يملكون فعل أي شيء"، وزاد قائلا: "انتهت ستة أشهر بدعوى الخروج عن النطاق والنسق العام الذي تسير عليه البلديات بالضفة ".

وحصلت قائمة أبو سعدة في الانتخابات البلدية على أربعة مقاعد، وتحالف مع مقعدين ليصبح لديه ستة مقاعد رشحته لرئاسة البلدية، فيما حصلت قائمة سفيان شديد الرئيس السابق للبلدية على خمس مقاعد، لافتا إلى أن هناك تهما توجه إليه بالانتماء التنظيمي مستندة إلى ترؤسه لرئاسة مجلس طلبة جامعة بيرزيت عن الكتلة الإسلامية عام 2006م.

ويدلل على عدم قانونية الاستقالة الجماعية، أن عضاء المجلس البلدي عشرة، ويجب أن يقدم للاستقالة خمسة أعضاء+1، ونظرا لأن أحد هؤلاء الأعضاء هو شديد الذي يعمل في الأجهزة الأمنية تعتبر عضويته لاغية، بالتالي تعتبر الاستقالة الجماعية غير قانونية، ولا يحق لهم اسقاط البلدية حسب قانون البلديات، منوها إلى أن وزير الحكم المحلي أعطى نفسه صلاحيات في الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت قبل عدة أشهر بالضفة بإقالة البلدية دون توضيح الأسباب.

وعن تجربته خلال الشهور الستة، يقول: "تخلل هذه المدة مفاجآت وعقبات وعدم تقبل وتعاون من أطراف عدة، لم أكن من الذين رُضي عنهم من الجهات الرسمية، اضطررت نظرا لعدم تعاون وزارة الحكم المحلي معي بالتوجه للصندوق الكويتي وكان حلًا بالنسبة لي للخروج من الأزمات الموضوعة أمامي".

ويختم حديثه لصحيفة "فلسطين": "بنيت علاقات مع المواطنين ومجالس نسوية وشبابية، والتي وجهت إليهم تهما بصبغة تنظيمية وجرى اعتقالهم من قبل الاحتلال، أو الاتصال على المجال النسوية من جهات أمنية لوقف أنشطتهم عدة مرات (..) كل شخص يقوم باتخاذ قرارات جريئة يتم اخراجه وإقالته من منصبه".