يعكس إقدام الأجهزة الأمنية شمال مدينة طولكرم، على تفكيك عبوات شديدة الانفجار كانت موضوعة في طريق تسلكها قوات جيش الاحتلال، عدم أخذ السلطة الفلسطينية قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الأخيرة وخاصة التي توصي بتجميد التنسيق الأمني على محمل الجد.
واتفق ناشط ومحلل سياسي فلسطينيان خلال حديثهما لصحيفة "فلسطين" على أن أجهزة أمن السلطة تتصرف بناء على تعليمات سياسية من قيادة السلطة التي تتحمل مسؤولية ملاحقة المقاومة، وأنها ماضية في طريق التسوية، ما يعكس عدم جديتها في مواجهة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان بلاده الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، وإجراءات الاحتلال بالضفة.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة أعلنت مساء أول من أمس عن تفكيك حقل عبوات ناسفة نُصبت كما يعتقد لاستهداف آليات جيش الاحتلال على إحدى الطرق شمال طولكرم شمال الضفة الغربية.
ويظهر من الصور التي نشرتها شرطة الضفة أنه تم نصب العبوات بشكل هندسي على إحدى الطرق بين بلدتي علار وعتيل شمال طولكرم.
تنسيق قائم
الكاتب والمحلل السياسي د.عبد الستار قاسم يقول: "إن التنسيق الأمني موجود وقائم ولن ينتهي لأن وجود السلطة مرتبط باستمرار التنسيق، فإذا كانت السلطة ستتوقف عن التنسيق بشكل نهائي فإنها ستغيب وسيتم تدميرها".
وأضاف قاسم لصحيفة "فلسطين": "إن السلطة ما زالت تنسق أمنيًا حتى بعد قرار المجلس المركزي بتجديد قراره خلال اجتماعه الأخير في رام الله بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، لأن المجلس ليس صاحب قرار، وأن من يقرر وقف التنسيق من عدمه هو رئيس السلطة محمود عباس الذي يستعمل كل المجالس التابعة لمنظمة التحرير كأدوات بيده لتحقيق سياساته الخاصة".
ورأى أن الشعب الفلسطيني غير مشارك أو منتفض بالضفة، لأن السلطة بلسان رئيسها الذي أعلن مرارا وتكرارا أنه لن يسمح بقيام انتفاضة، وإن استطاع الشعب القيام بانتفاضة ستكون هناك إجراءات بتوجيهات سياسية عليا لإجهاضها.
وتابع: "قيام شرطة طولكرم بالكشف عن عبوات ناسفة، يدلل على أنه لا جديد في توجهات السلطة بخصوص وقف التنسيق الأمني سوى استمرار منع المقاومة"، مشيراً إلى أن المقاومة بالضفة نتيجة هذه السياسات أصبحت متناثرة ومتباعدة، وتحدث بين الفينة والأخرى.
واستغرب قاسم حديث عباس عن مصطلح "المقاومة الشعبية"، معتبراً أن ذلك كلام لا معنى ولا قيمة له وأنه لا يوجد برنامج مقاومة شعبية لدى السلطة.
إلا أنه ذكر أنه إذا كانت العبوات التي كشفت عنها أجهزة أمن السلطة كانت ستستعمل لتفجير مركبات جنود الاحتلال أو مستوطنيه، فهذا يعني أن هناك بداية جديدة في صناعة المقاومة الفلسطينية.
وأضاف قاسم: "إذا تطور هذا النهج، سيصبح بمقدور هؤلاء المقاومين تنفيذ عمليات عسكرية أكثر أمنًا لهم، لأن استعمال السلاح أصعب من استعمال العبوات الناسفة التي يمكن أن تنفجر عن بعد، وتوفر الأشجار والتضاريس عوامل الاختفاء عن جيش الاحتلال".
توجهات قادمة
ويوافق الناشط السياسي عمر عساف رأي قاسم في أن الكشف عن العبوات الناسفة هو تأكيد أن التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال الإسرائيلي لن يتوقف في يوم من الأيام.
وقال عساف: "استمرار أجهزة أمن السلطة بملاحقة المقاومة يعني أنها أداة بيد الاحتلال"، مبينا أن هذه الممارسات تعتبر معيقة لأي عمل مقاوم ومؤثر.
وأضاف: "لكن في كل الأحوال تبقى الإرادة الشعبية وإرادة المقاومة والتصميم في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني حاضرة".
وربط عساف قيام أجهزة أمن السلطة بملاحقة المقاومة بقرار المجلس المركزي الذي جدده في اجتماع الأخير في رام الله بوقف التنسيق الأمني بأن قرارات المركزي لم تكن بمستوى التحديات، مبينًا أن موضوع التنسيق الأمني بقي معلقًا، ولم يتم المساس به.