لا أنظر إلى اعتراف الدول والبرلمانات والهيئات الدولية بحقنا في اقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 بأنه انتصار بل على العكس تماما، فكل من يعترف بحقنا في هذا الاطار لا بد وأنه اعترف مسبقا بشرعية احتلال (إسرائيل) لباقي أراضينا الفلسطينية المحتلة عام 1948 اضافة إلى أجزاء من الضفة الغربية كأمر واقع وضمن سياسة "تبادل الأراضي" التي وصلت حتى هذه اللحظة إلى 15 بالمائة حسب مطالبات دولة الاحتلال الأخيرة. وأخطر الأضرار التي أدت إليها سياسة "تجميع الاعترافات" هو الهرولة غير المسبوقة لدول عربية كثيرة باتت ترى بضرورة إنهاء ملف القضية الفلسطينية ولو على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته وحقه الأبدي في فلسطين من البحر الى النهر، بل تكاد بعض الدول تعلن العداء للفلسطينيين بسبب صمودهم في وجه المؤامرة التي تحاك ضدهم.
مسألة أخرى خطيرة تتعلق بسياسة "تجميع الاعترافات" أن هذه السياسة حلت محل العمل الحقيقي والجاد لتحرير فلسطين واستعادة حقوقنا لدى منظمة التحرير الفلسطينية، فالاستراتيجية التي تتبعها منظمة التحرير هو تحقيق "إنجازات" دبلوماسية وانتصارات" ورقية قد يكون بعضها مفيدًا ولكنها لا تكفي دون وسائل ناجعة لتحقيق أهداف منظمة التحرير منخفضة السقف فضلا عن إمكانية تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني المتمثلة بتحرير فلسطين وما يتبع ذلك من استعادة كامل مقدساته وعودة كل اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وبيوتهم التي أخرجوا منها.
قبل فترة وجيزة عاقبت السلطة الفلسطينية أحد دبلوماسييها في باكستان لأنه شارك في حفل نصرة للأقصى، بذريعة تواجد شخصية إرهابية في الحفل واحتراما لدولة صديقة مثل الهند، بالنسبة للسلطة الهند دولة صديقة لأنها صوتت مع السلطة في الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن الهند تستورد أسلحة من دولة الإرهاب (إسرائيل) سنويًّا بمليار دولار أمريكي، وقد وافقت قبل أيام على استئناف تنفيذ صفقة أسلحة كانت قد أوقفتها سابقا، أي أن صداقة الهند لنا ورقية وصداقتها لعدونا استراتيجية، وهذا مثال بسيط على الكيفية التي نتعامل بها في علاقاتنا مع الآخرين، ودليل قوي على ضرورة إعادة منظمة التحرير الفلسطينية النظر في برنامجها السياسي وفي استراتيجياتها للوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي بما يتناسب مع ضخامة التحديات وعمق المؤامرات التي تواجه الشعب الفلسطيني وقضيته.