أمام واقع لم يشهده قطاع غزة على الإطلاق من تدهور اقتصادي انعكس على كل مجالات الحياة، تستمر الحكومة بفرض العقوبات على القطاع، ما يجعل منها المسؤول الأول عن انهيار الوضع الإنساني لتعاملها بسياسات غير واضحة في معالجة الأزمات التي تعهدت بحلها منذ تسلمها مهامها قبل ثلاثة شهور، كما يؤكد قادة فصائل فلسطينية.
ويعتقد هؤلاء في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" أن الاستمرار بهذا الوضع الكارثي لا مخرج له إلا استقالة الحكومة والذهاب إلى حكومة وحدة وطنية، بعد دعوة الإطار القيادي المؤقت للانعقاد.
ويؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة، أن الحكومة مطالبة برفع كل الإجراءات العقابية عن غزة، ولا يوجد معنى لبقائها، سوى خدمة أجندة الاحتلال بتقويض مقومات الصمود.
وقال: "دور الحكومة الضعيف في غزة أوصل القطاع لأن يكون منطقة منكوبة أوقفت عجلة الحياة".
وبشأن الخيارات والبدائل لتدارك الأمور، شدد أبو ظريفة على ضرورة عقد اجتماع بين الحكومة والقوى السياسية للوقوف على العقبات التي تواجه طريق المصالحة، مشيرا إلى أن الجبهة الديمقراطية طالبت خلال اجتماع المجلس المركزي، أن يتضمن البيان الختامي للمجلس الذي عقد في رام الله مؤخرا عقد إطار قيادي للفصائل والاتفاق على حكومة وحدة وطنية، لتعزيز مبدأ الشراكة، ورفع العقوبات عن غزة، وهو ما لم يتم "لذلك تحفظنا على البيان الختامي".
تلكؤ واضح
من جانبه، عدّ المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب، سياسات الحكومة مع غزة "تلكؤاً واضحا،ً سيما وأنها تسلمت عملها في العديد من الوزارات والهيئات".
وقال لصحيفة "فلسطين": "لا توجد أمام الحكومة أي موانع، وحركة حماس قامت بما عليها من التزامات وفق اتفاق المصالحة بينها وبين حركة فتح".
وتابع شهاب: "الحكومة تتعامل بسياسات غير واضحة مع غزة، فهناك أزمات تتفاقم بشكل كبير جداً وربما أسوأ من ذي قبل، فمعظم القطاعات الحيوية منهارة؛ بسبب عدم مقدرة الوزراء على اتخاذ قرارات لتحسين الخدمات المقدمة للقطاع".
وأوضح شهاب، أن المشكلة القائمة في غزة مرتبطة بسياسة قيادة السلطة والمنظمة، ما يجعل من الضرورة على الفصائل إيجاد أدوات ضغط على السلطة".
ويتوافق عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية حسين منصور، مع سابقيه، مشيراً إلى أن غزة المنهارة فقراً وبطالة وانعداما لمقومات الحياة، يستدعي من الحكومة أن تعلن بشكل واضح عن موقفها من أزمات غزة، وإذا لم يكن لديها خطط لمعالجتها فعليها الاستقالة".
وقال: المطلوب من الفصائل أن "ترتقي" لمستوى المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، باتخاذ قرارات جريئة أمام تنصل الحكومة من مسؤولياتها، بالإضافة إلى الضغط الشعبي من شرائح المجتمع حتى تلتزم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
أوضاع منهارة
الخبير الاقتصادي سمير أبو مدللة، أشار إلى أن الإجراءات العقابية التي فرضتها الحكومة، منذ مارس/ أذار الماضي، أدت لحالة كساد وركود في القطاع، ونقص السيولة في الأسواق، وعدم دفع طلبة الجامعات للرسوم، وتفاقم الأوضاع.
وأوضح أبو مدللة، في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن عام 2017 صنف الأسوأ اقتصاديا، بنسبة بطالة بلغت 46%، وارتفاعها بين الشباب إلى 65%، فيما 80% من الغزيين يتلقون مساعدات إنسانية، مليون منهم يتلقونها من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، التي أعلنت أمريكا أنها ستجمد 42% من ميزانيتها.
ولفت إلى مشكلة الشيكات المرجعة، وقيام الحكومة بفرض الضرائب، وتراجع حالة الاستيراد اليومية بعد أن كانت تدخل القطاع 800-1000 شاحنة يوميا، إلى 300 شاحنة يومية خلال الأسبوعين الماضيين، فضلا عن انعدام الأمن الغذائي حسب تقرير البنك الدولي الذي وصل إلى 47%.
وأكد أبو مدللة، أن بقاء الأوضاع خلال العام الجاري على ما هي عليه لن يؤدي إلى انهيار بل ركود في بعض القطاعات الإنتاجية، وأن الحل بات اليوم "تشكيل حكومة وحدة ووضع استراتيجية لمجابهة التحديات".