تعود أحداث قضية الأكاديمي عادل سمارة مع محاكم رام الله إلى 19 آذار/ مارس الماضي، حينما عقد مؤتمر في دمشق بعنوان "التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة".
خلال هذا المؤتمر قدم عدة فلسطينيون ورقة بحثية بعنوان "صرخة ونداء من الأعماق" تطالب بالتعايش مع المستوطنين في فلسطين التاريخية بدولة واحدة، ومن قدم هذه الورقة سيدة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة تُدعى أمل وهدان، لكن سمارة المشارك في هذا المؤتمر رد باستهجان على هذه الورقة بالقول: "لا أحد يحق له التعايش مع المستوطنين حتى في منزله".
بعد ذلك صدر بيان من الكاتب الفلسطيني في الأردن ربحي حلوم، يشجب الورقة المقدمة من وهدان والتي تنادي بالتطبيع.
تطبيع مع الاحتلال
ولكن رئيس المؤتمر د. يحيى غدار أصر على أن تكون هذه السيدة ممثلة فلسطين في المؤتمر، وقال سمارة: "كان يجب أن يمثل فلسطين القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، لكنه لم يتمكن من حضور المؤتمر في 19 آذار/ مارس 2016".
بداية المتاعب كانت في شهر تموز/ يوليو الماضي، عندما استدعى جهاز المباحث التابع للسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية سمارة، لتبدأ مرحلة من التحقيقات التي استمرت إلى أربع ساعات.
يتحدث سمارة عن بداية وجوده في مقر هذا الجهاز الأمني، ويقول: "في البداية جلست مع شاب _واسمه حماد_ من جهاز المباحث، اطلع على الأوراق، وقال: هذه ليست قضية، وسرعان ما جاء ضابط آخر وطلب منه أن يترك الأوراق لأنه الذي يريد إجراء التحقيق".
في التحقيقات -والكلام لسمارة- كان الهدف من التحقيق هو إثبات أنه هو من كتب بيان شجب ورقة وهدان المطالبة بالتطبيع، إضافة إلى أخذ اعتراف منه أنه يرأس نشرة كنعان الإلكترونية، استنادًا إلى أنه كان رئيس تحرير مجلة كنعان الورقية، التي صدر آخر عدد منها في خريف عام 2011م وتوقفت.
ويضيف: "أرادوا إثبات أني من كتبت البيان، مع أن الكاتب ربحي حلوم نشر رسالة مصورة له يقول فيها إنه من كتب البيان الذي شجب ورقة وهدان، وإنه فقط أرسله إلي لإبداء رأيي فيه".
يسترسل سمارة في ذكر التفاصيل: "لم أكن أعرف حلوم قبل ذلك، وتعرفت إليه بعدما أصدر البيان"، كانت هذه خلاصة التحقيق مع الأكاديمي الفلسطيني في أروقة جهاز المباحث الذي استمر أربع ساعات.
محاكمة
بعد ذلك بدأت رحلة أخرى من الملاحقة لسمارة بدأت بإحالة القضية إلى النيابة العامة، وفي شهر يوليو نفسه بدأت أول جلسة محاكمة له بتهمة الشتم والتحقير، يعلق سمارة ساخرًا: "إن التحقيق معي جاء على خلفية كتابة بيان شجب ورقة وهدان، لكن المحكمة اتهمتني بشتم وهدان".
بالنبرة الساخرة نفسها يكمل: "أنا اتهمت الورقة وأصحابها بالتطبيع، والنيابة تعد ذلك شتمًا، لكن الهدف هو توجيه تهمة كيدية سياسية إلي من أجل المضايقة ومنعي من الحديث"، وزاد: "التطبيع تهمة سياسية، وليس شتيمة شخصية".
لكن الشيء الغريب -والقول يبقى لسمارة- أن معظم الفصائل الفلسطينية في سوريا التي حضرت المؤتمر رفضت الورقة، ورفضت أن تقدم باسم الشعب الفلسطيني، وانتقدوا السيدة وهدان، ولكن في الضفة الغربية لا يوجد من انتقدها، ولو بكلمة واحدة.
"موقفي ضد التطبيع، وليس لي خلاف شخصي مع وهدان" يقول سمارة، ثم يتابع: "بعض القياديين الفلسطينيين بالضفة الذين يوافقون على التطبيع يحاولون الادعاء أن هذه مشكلة شخصية بيني وبين صاحبة الدعوى وهدان، مع أن هذه قضايا وطنية، وليست شخصية".
ومنذ خمسة أشهر خضع سمارة _تبعًا لكلامه_ لثلاث جلسات محاكمة في محكمة رام الله، وسيكون له جلسة رابعة في كانون الثاني/ يناير القادم، ويعلق على ذلك بالقول: "بعدما كان التطبيع سريًّا أصبح علنيًّا، حتى إنه يُحاكم من ينتقده، لا أفكر في التراجع؛ فهذا حقي وواجبي الوطني أن أكون ضد التطبيع مع الاحتلال، ويجب أن يقف الناس في مواجهته".