فلسطين أون لاين

مزارعو الأبقار .. أمام فائض في إنتاج الحليب وشح التسويق "الخسارة مضاعفة"

...
غزة - يحيى اليعقوبي

دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة مربي الأبقار طارق شنن لبيع 20 بقرة في مزرعته الواقعة شرق مدينة جباليا، كي يستطيع إطعام 30 بقرة متبقية، إذ إنه لا يستطيع تصريف الحليب الذي تنتجه يوميا، وبالتالي بات أمام خيارات صعبة إما بيع الحليب بأسعار منخفضة أو بيع الأبقار نفسها لسداد الديون المتراكمة.

شنن أحد مئات مربي الأبقار في قطاع غزة الذين يطالبون وزارة الاقتصاد بتقنين كمية الحليب الجاف المستورد والاعتماد على الحليب المنتج محلياً لإنقاذ هذا القطاع من الانهيار.

يقول لصحيفة "فلسطين": "الأزمة التي نعيشها لم نر مثلها من قبل، فبعد أن كنا نبيع طن الحليب للمصانع بنحو 2000 شيقل الآن نبيعه بسعر 800 شيقل، علما أنني بحاجة إلى 1600 شيقل يوميا لإطعام الأبقار لذلك أخسر يوميا 700 شيقل ".

وأمام هذا الواقع لجأ شنن إلى العمل على تصنيع الأجبان بمنزله لأنه لا يستطيع تصريف الحليب، أو بيع كيلو الحليب بسعر شيقل بعد أن كان يباع لمصانع الألبان بغزة بنحو 1 شيقل و8 أغورات.

ونظم عشرات مزارعي الأبقار وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء بمدينة غزة، أمس، للمطالبة بإنقاذ قطاع الألبان من الانهيار، وتقنين استيراد الحليب الجاف.

وحال مزارع الأبقار ناصر طنبورة لا يختلف عن حال سابقه، إذ كانت علامات الحسرة بادية عليه خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" قائلا: "إننا نعيش في أسوأ فترة خلال الشهرين الماضيين فلدينا فائض في إنتاج الحليب ولا يوجد تسويق له، وهناك مصانع أغلقت أبوابها أمامنا ولم تعد تشتري أي لتر حليب من مزارعي الأبقار".

وتقع مزرعة طنبورة في منطقة السلاطين شمال قطاع غزة، وتضم 10 أبقار إلا أنه تراكمت عليه الديون التي وصلت إلى 10 آلاف شيقل، مستدركا: "حتى لو قمت ببيع أبقاري لن أستطيع سداد الديون المتراكمة علي ثمنا للعلف".

"سعر العلف مرتفع ولا يوجد سوق للحليب" بهذا اختصر مزارع الأبقار حرب الأدهم حديثه لصحيفة "فلسطين"، إذ إنه يتعرض لخسارة يومية في مزرعته الواقعة في حي الأمل ببيت لاهيا والتي تضم 15 رأسا من الأبقار، الأمر الذي انعكس بالسلب على حياة أسرته.

القطاع الزراعي خاصة مربي أبقار الحليب وانتاج اللحوم كما يصفه عمران أبو وردة "مدمّر"، نتيجة السماح بإدخال الحليب المجفف المستورد لغزة، مطالبا وزارة الاقتصاد بتقنين الحليب حتى يستطيعوا تسويق الحليب المحلي.

ويقول أبو وردة لصحيفة "فلسطين": "هناك مزارعو أبقار ينتجون يوميا 3-4 أطنان من الحليب ولا يستطيعون تسويقها، لعزوف مصانع الألبان عنها نظرا للجوء بعضها لتصنيع الأجبان من الحليب المستورد، أو تخيير المزارعين بشراء كيلو الحليب بسعر شيقل"، متهكما على واقع الحال: "بأن طن العلف الذي يباع بسعر 1800 شيقل بات أغلى من طن الحليب".

بينما يحذر سيف أبو عيطة صاحب مصنع ألبان من أن قطاع الألبان بغزة يتعرض لهجمات خارجية خاصة من الاحتلال، بعد القصف والتجريف الذي مارسه خلال الحروب السابقة، بهدف ضرب الاقتصاد الوطني.

ويشير إلى أن المصانع الإسرائيلية خفضت أسعار منتجات الألبان التي تورد لغزة بأقل من التكلفة لضرب المنتج المحلي الفلسطيني، والتي تتزامن مع ضعف القدرة الشرائية للمواطنين بغزة.

ويشدد على ضرورة أن تقوم وزارة الاقتصاد بنظام إحلال الواردات التي وعدت به منذ أكثر من سنة بأن تعطي فرصة سوقية أكبر للمنتجات المحلية بغزة، والحد من دخول المنتجات الإسرائيلية والمصرية.

ويطالب الوزارة بتخفيف سعر الضرائب المفروضة على الأعلاف التي تدخل لغزة، داعيا منظمة الغذاء العالمية إلى ضروي إعادة السلة الغذائية للفقراء بغزة، لأنها تعمل على انتعاش الحركة بين السوق والمصانع التي اضطر العديد منها لتسريح عمالها أمام هذه الظروف.

أبو عيطة، يشدد كذلك على ضرورة أن تكون هناك وقفة للمنظمات الدولية والحكومة مع القطاع الزراعي حتى لا ينهار.

أما مدير عام اتحاد لجان العمل الزراعي محمد البكري فيقول: "إن الأمن الغذائي أصبح في وضع خطير جدا، وأن هناك منتجات فلسطينية يجب الاعتماد عليها، لكن لا يمكن ذلك في ظل عدم وجود حكومة تضع تشريعات تحمي المنتج".

ويضيف: "أن إحلال الواردات ليس حبرًا على ورق بل يجب وقف استيراد بعض المنتجات التي تضرب المنتج الوطني الفلسطيني، خاصة المنتجات الموجودة بالأسواق بأسعار منخفضة لضرب المنتج الوطني"، مطالبا الحكومة برفع حصة القطاع الزراعي بالموازنة العامة، وأن تقوم الوزارات بغزة بدورها في حماية المنتج الوطني.