لا تذكر بطاقة التموين إلا مقترنة بحل القضية الفلسطينية، وقد فشلت مساعي دول عظمى في حرق بطاقة التموين وحرفها عن مسارها المقترن بنهج المقاومة الذي ترافق مع بطاقة لاجئ، وهذا ما تأكد للفلسطينيين من خلال التجارب المريرة التي مرت بحياتهم، والتي بدأت بتقليص خدمات الأونروا، والتضييق على الوظائف، وخنق البرامج التطويرية والتنموية، بهدف الضغط على اللاجئين لتمرير المشاريع السياسية التي ستبدأ بالتوطين حيث يتواجد اللاجئون الفلسطينيون، ولن تنتهي إلا بتطويع قضيتهم وفق أطماع أعدائهم.
عشرات السنين من اللجوء، كان مصير تصفية قضية اللاجئين الفشل، وذلك لجملة من الاعتبارات الذاتية، والتي تخص الفلسطينيين أنفسهم، ولجملة من الاعتبارات الموضوعية التي تخص الدول العربية التي يقيم فيها اللاجئون، أو تخص العديد من دول العالم الحريصة على بقاء الأونروا، لتقوم بدورها الإنساني إلى حين حل قضية اللاجئين السياسية، وقد عبر عن ذلك المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، حين اعتبر قرار أمريكا تجميد عشرات ملايين الدولارات المخصصة للوكالة، سيؤدي إلى أسوأ أزمة تمويل للوكالة منذ تأسسيها، وهذا ما أكد عليه المفوض العام للأونروا بيير كرهينبول، حين قال: إن تقليص أمريكا مساهمتها في ميزانية الأونروا سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وقال كرهينبول: إن اللاجئين الفلسطينيين والأونروا لن يستسلموا، داعيا دول العالم والإقليم إلى تقديم مساعداتهم للأونروا.
فإذا كان المفوض العام للأمم المتحدة قد قرر عدم الاستسلام، فما هو حال اللاجئين الفلسطينيين؟ هل سيستسلمون، ويتركون غيرهم يحارب قضيتهم، أم أنهم سيلبون دعوة المفوض العام، ويرفضون الاستسلام للقرار الأمريكي القاضي بتقليص المساعدات؟ ولماذا لم تخرج حتى اليوم مظاهرات جماهيرية صاخبة ضد أمريكا؟ ومن الذي يشل يد اللاجئين عن الصراخ، والخروج من المخيمات والتجمعات السكنية في مظاهرة رفض للقرار الأمريكي؟.
لقد دعا المفوض العام اللاجئين إلى عدم الاستسلام، وكان الأجدر أن تكون الدعوة من القيادة الفلسطينية، التي التزمت الصمت، ولم تحرض على الخروج إلى الشوارع في ثورة غضب ضد أمريكا وإسرائيل! وفي الوقت الذي وضع فيه المفوض العام أصبعه على الجرح، حين أضاف: نحن نشهد صراعاً وعنفاً واستقطاباً مستمراً في منطقة الشرق الأوسط سيؤثر على حياة الملايين من الأشخاص.
انتهت دعوة المفوض العام للاجئين، ولم يبق على اللاجئين الفلسطينيين إلا تلبية الدعوة، والخروج إلى الشوارع رافضين ملوحين بالغضب الثوري الذي ميز القضية الفلسطينية.