يمتلك الفلسطينيون وجودًا بشريًا هائلًا يحيط بدولة العدو المحتل من كل جانب، يُقدَّرون بملايين الأشخاص، منهم ثلاثة أرباع مليون فلسطيني تقريبًا في كل من سوريا ولبنان يعانون ظروفًا غاية في الصعوبة والخطورة، إلى درجة مجازفة العشرات منهم لخوض البحر بحثًا عن حياة أفضل رغم تكرار حالات الغرق، ويغامر المئات منهم للعودة إلى مخيماتهم التي هي تحت النيران في سوريا سواء من قوى داعش والنصرة وما شابه أو من قوى النظام. وهنا تقفز إلى الأذهان أسئلة مشروعة: ما دام الفلسطينيون يتمتعون بروح المجازفة والجرأة إلى هذا الحد، فلماذا لا يقتحمون الحدود التي وضعها العدو لمنعهم من العودة إلى أراضيهم المحتلة؟ أليس في إقدام آلاف العائلات صوب تلك الحدود إرباك للعدو، وجذب للإعلام لصالح قضايا شعبنا، وتعرية لعدونا، وتحريك للمنطقة، وتجريء لشعبنا على العدو المحتل، وأخذٌ لزمام المبادرة من أجل إفشال مخططات تصفية القضية الفلسطينية التي بدأها ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وتلاها بتجميد مساعداته لأونروا؟ ماذا سيخسر شعبنا من المحاولة غير البؤس والشقاء الذي عانوه في بلاد اللجوء؟
وإذا كانت قوى شعبنا وفصائله عامة تدعم وتؤيد وتبارك وتفاخر بالمتظاهرين من شعبنا قرب الحدود سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وفي كل يوم يسقط منهم شهيد وجرحى، ولم نجد أحدًا يسخر من هذه "المقاومة السلمية" رغم محدودية تأثيرها على العدو، أليس في زحف آلاف العائلات برجالها ونسائها وأطفالها وهم يحملون متاعهم وحقائب سفرهم ينشدون العودة إلى الأراضي التي ما زالوا يحملون أوراق ملكيتها، ويضمن لهم القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان حقهم في العودة إليها، تأثير أكبر بمراحل من هذه التظاهرات الحدودية؟
وإذا كانت بعض قوى المقاومة تخطط لتحرير فلسطين كل فلسطين وتضع استراتيجيات عمل لتحقيق هذه الغاية السامية، أليس الأجدر بهذه القوى أن تدفع شعبها لخوض غمار المقاومة السلمية عبر زحف العودة الأقل خطرًا والأرخص تكلفة والأكثر تقبلًا من المجتمع الدولي؟
إن زحف العودة لآلاف العائلات الفلسطينية ولا سيما تلك العائلات المنكوبة جراء الحرب الدائرة في سوريا والظروف الصعبة في لبنان، إنما هو واجب، وممكن، وشرعي، وقانوني، وبالغ الأثر على الفلسطيني وعلى العدو، وهو رديف للمقاومة المسلحة وداعم ومكمِّلٌ لها، ولا يقل تأثيره على العدو عن تأثير المقاومة المسلحة. وإن التخطيط الجيد لهذا الزحف، واجب على القوى الفلسطينية كافة، دون إعفاء العائلات والأفراد عن خوض غماره وعلى مسؤوليتهم، تمامًا كما فعل مفجرو #انتفاضة_القدس عندما انطلقوا دون إذن من أحد، واقتحموا الأسيجة الحدودية دون إذن من أحد أو حساب لأحد، وهكذا يصنع الأبطال.
#زحف_العودة #العودة_حق