فلسطين أون لاين

حرب الأنفاق مستمرة

أعلنت (إسرائيل) أول من أمس، بأنها استهدفت بصواريخ طائراتها الحربية في الثالث عشر من الشهر الجاري نفقا ثالثا، زعمت أنه متميز و تصدّر خبره عناوين صحفها الرئيسة الصادرة أمس، فهو واسع ويمتد من رفح مرورا بمعبر كرم أبو سالم، ويخترق الاراضي الفلسطينية لمسافة 180 مترا ثم الى الاراضي المصرية وهو تابع لحماس، معتبرين ذلك انجازا إضافيا وفي مدة قياسية مما يقربهم للقضاء على الانفاق خلال العام 2018 وفق أوامر رئيس هيئة أركان الجيش، معربين عن استغرابهم من عدم تعليق المقاومة الفلسطينية على هذا الأمر، مما أدخل (اسرائيل) في حيرة وحالة من التوتر والانتظار لرد المقاومة.


لقد تعددت التأويلات في (إسرائيل) لأسباب ودوافع صمت المقاومة، فمن متعجرف يرى به ضعفا وصدمة لحماس إلى آخر يرى به عقلانية منها، حيث ستقوم بدراسة وتقدير الموقف والرد بشكل مناسب حيث للمقاومة خياراتها لمواجهة هذا الأمر كتعزيز قواعد الاستنزاف على طول حدود غزة، وكذلك اتخاذ كل الاجراءات والتدابير الأمنية اللازمة لاستمرار مشروع بناء الانفاق الدفاعية.


لقد شكل استهداف نفق كرم أبو سالم حلقة جديدة من حلقات الصراع على الانفاق، فقد تسجل (اسرائيل) نقاطا لصالحها في هذا الصراع إلا أنها وحتى هذه اللحظة، ومن غير المتوقع أيضا في المستقبل، أن تنجح ورغم كل امكانياتها التكنولوجية والاستخباراتية والعملياتية أن تقضي على مشروع الانفاق، وهذا ما أكده أيضا خبراء اسرائيليون كالجنرال عامي درور و الجنرال تال روسو قائد المنطقة السابق، خاصة وأن (اسرائيل) تعلم بأن نجاح المقاومة في استخدام فعال لنفق واحد على الاقل يعني اختراقا خطيرا لأمنها وأمن قواتها المهاجمة وبالتالي فإن عدد الانفاق لن يغير بناء استراتيجياتها القائمة على تجنب الدخول البري لقطاع غزة.


تستخدم (إسرائيل) ضرب بعض الانفاق الهامة أو غير الهامة ومن خلال المبالغة والاحتفاء بحجم انجازها لأهداف متعددة، ومن أهمها رفع معنويات جمهورها الذي يعيش في حالة من الرعب المستمر جراء الخوف الدائم من "إطلالة" فدائي فلسطيني من تحت الأرض، وهذا الرعب لن يزول لو دمرت (إسرائيل) خمسة أنفاق وبقي عشرة على سبيل المثال، وهكذا فإن الهدف النفسي المتحقق هو جزئي ومحدود بل إنه يزول مع أول تصريح لأحد قادة (إسرائيل) يذكر فيه كلمة أنفاق.


ومن جهة أخرى، فقد تمثل مقالة المحلل العسكري المنشورة في "يديعوت أحرونوت"، أمس، وهو اليكس فيشمان دليلا آخر على المحاولات الاسرائيلية اليائسة والهادفة لزرع اليأس في قلوب قادة ونشطاء وأنصار المقاومة حول جدوى وفعالية مشروع الأنفاق الاستراتيجي، فقد أكد فيشمان أن (إسرائيل) امتنعت عن تدمير كل الانفاق التي تعرفها، دفعة واحدة حتى لا يتسبب ذلك في اندلاع مواجهة عسكرية شاملة مع المقاومة، وكذلك فعل كاتب الكاريكاتور في نفس الصحيفة، حيث أظهر صاحب شركة تأمين فلسطينية وهو يبلّغ اثنين من مقاتلي القسام قرار شركته رفع رسوم التأمين بسبب المخاطر العالية والمتزايدة الناجمة عن استخدام الأنفاق.


وأخيرًا يمكن القول: إن طبيعة ردة فعل المقاومة على تدمير بعض الأنفاق هو ما يحدد وبدرجة واضحة مدى الإنجاز الإسرائيلي: فإن استمر تطوير مشروع الأنفاق دون أن يتأثر بهذه الضربات، وإن بقيت معنويات المقاومة مرتفعة ومتماسكة فإن هذا يعني تحجيمًا واضحًا للإنجاز الإسرائيلي التكتيكي في تدمير هذا النفق أو ذاك.