في البداية نهنئ أعضاء المجلس المركزي الفلسطيني بمناسبة عقد اجتماعهم في رام الله، بعد ثلاث سنوات من الغياب، ونذكرهم باللائحة الداخلية التي تقول: "يجتمع المجلس المركزي مرة كل شهرين على الأقل بدعوة من رئيسه"، وهذا يعني أن المجلس المركزي قد تغافل عن عقد 18 جلسة، متجاوزاً نص القانون!!!!
فمن المسؤول عن تجميد جلسات المجلس المركزي كل تلك الفترة رغم جسامة الأحداث التي عصفت بفلسطين، وصفعت القضية بالوجع والأنين؟
وحتى يجد الشعب الفلسطيني جهة قيادية تبرر له أسباب التأخير، سأنقل لكم هذه الفقرة:
"سنعيد النظر في وظائف السلطة الفلسطينية التي لم تعد لها سلطة، وسندرس كيفية إعادة السيادة إلى السلطة وضمان ذلك" تلك الفقرة نطق بها السيد محمود عباس في كلمته التي ألقاها في اجتماع المجلس المركزي، في دورته رقم 27، الجلسة التي قرر فيها المجلس المركزي وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وتحميل سلطة الاحتلال مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال وفقا للقانون الدولي".
فماذا سيضيف المجلس المركزي على ما سبق من قرارات صدرت قبل ثلاث سنوات؟
ولماذا تدعو القيادة التنفيذية المجلس المركزي للانعقاد، فيلبي طائعاً، في الوقت الذي كان يجب أن يدعو المجلس المركزي القيادة التنفيذية للمساءلة والمحاسبة؟
ولماذا لم تلتزم القيادة التنفيذية بتطبيق القرارات التي صدرت عن المجلس المركزي قبل ثلاث سنوات؟ أم كان الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإعادة أموال الضرائب المحجوزة في ذلك الوقت، هو الهدف الأسمى لقرارات المجلس المركزي التي صدرت في ظل قطع الرواتب؟
أسئلة يطرحها الشارع الفلسطيني، وتستوجب الإجابة الشافية من السلطة التنفيذية قبل أي حديث هزلي عن اجتماع جديد للمجلس المركزي، سيخرج بالقرارات نفسها التي صدرت قبل ثلاث سنوات، مع التصفيق والتلويح بالكوفية، وهز الكتف بحنية، وكفى الله المجتمعين شر المواجهة مع الإسرائيليين، وشر محاسبة المسؤولين!.
إن الدعوة لاجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني في المناسبات، وعند المنزلقات السياسية الحادة، هي دعوة سلبية، ومهينة لقدرات الشعب الفلسطيني، ولا سيما أن رئاسة المجلس المركزي قد سجلت في البند السابع من دعوة الحضور، "دراسة آلية تفعيل دور المجلس المركزي"، وفي هذا البند اعتراف رسمي بعدم فاعلية المجلس المركزي، واعتراف ضمني بعدم فاعلية المجلس الوطني، وهذا بحد ذاته استخفاف بالشعب الفلسطيني وتحقير لقواه السياسية.
فإذا تجاوزنا عن دعوة المجلس المركزي للاجتماع تحت حراب الاحتلال في رام الله، وإذا تجاوزنا عن عذاب أهل غزة الخاضعين لعقاب السيد محمود عباس، وإذا تجاوزنا عن استخفاف القيادة التنفيذية بقرارات اللجنة التحضيرية التي صدرت في بيروت قبل عام، ورتبت شروط انعقاد المجلس الوطني، وإذا تجاوزنا عن إهمال قدرات بقية التنظيمات الفلسطينية المقاومة، فكيف نتجاوز عن البند الرابع في الدعوة لحضور الاجتماع، والذي سيراجع المرحلة السابقة، التي بدأت منذ عام 1993 بكافة جوانبها؟
فهل الدعوة للمراجعة تعني الاعتراف بفشل المسيرة التفاوضية؟ وطالما كان هنالك اعتراف بالفشل، فمن الذي سيراجع المسيرة الفاشلة؟
وكيف يعاود الطبيب نفسه معالجة المريض الذي تسبب له بالشلل التام، ونقل له عدوى أمراض مزمنة لا شفاء له منها على يديه؟ وكيف يسمح الشعب الفلسطيني لهذا الطبيب الذي مزق روح المقاومة في فلسطين، وترك عفن المستوطنات ينمو على جسد الأرض، كيف يسمح له بمعاودة الكشف على المريض، ليصف له العلاج نفسه، وبالأدوات التفاوضية الصدئة نفسها؟
على الشعب الفلسطيني أن يطالب بمحاسبة الفاشلين، وليس مراجعة سيرة فشلهم، على الشعب الفلسطيني أن يحاسب القيادة التنفيذية على فشلها السياسي الذي امتد على مدار 24 عاماً من التفرد بالقرار السياسي الفلسطيني والذي أفضى إلى هذه الحالة من الضياع الفلسطيني.
ملاحظة: الكاتب عضو في المجلس الوطني الفلسطيني الذي لم يسمح له بالانعقاد بعيداً عن أحذية الاحتلال منذ أكثر من عشرين عاماً.