رفضت نقابة الموظفين العموميين تصريحات رئيس الوزراء رامي الحمد الله بشأن استبعاد دمج موظفي غزة كافة، وهي ما عدّتها فصائل فلسطينية أنها تأتي استباقًا لانتهاء عمل اللجنة الإدارية وتعكر أجواء المصالحة.
وصرح الحمد الله لصحيفة "الشروق" الجزائرية، أمس، أن حكومته "لن تترك أي موظف في الشارع، لكن هذا لا يعني أن يتم دمج واستيعاب كل الموظفين"، بحسب تقديره.
وتحدث الحمد الله عن ما أسماها "حلول خلاقة، وذكية للجميع"، لحل قضية الموظفين، وفق تعبيره.
وربط الحمد الله كذلك ما أسماه "تمكين الحكومة في غزة وتحسين الكهرباء، بالجباية الداخلية"، وعدّ قضية الجباية أنها "تشكّل عائقًا كبيرًا أمام الحكومة في ظل عدم قدرتها على دفع المبالغ المخصصة لها"، كما قال.
وأضاف الحمد الله أن الحكومات المتعاقبة أنفقت على قطاع غزة أكثر من 16 مليار دولار منذ بدء الانقسام عام 2007، كما قال.
خوف وريبة
وأكد نقيب الموظفين العمومين في قطاع غزة يعقوب الغندور أن تصريحات الحمد الله مرفوضة بالمطلق، قائلًا: "نشتم منها أنه سيتم الاستغناء أو إقصاء أيٍّ من الموظفين تحت أي مبرر من المبررات".
وأوضح الغندور لـ"فلسطين"، أن اتفاق القاهرة الموقع بين حركتي فتح وحماس في أكتوبر الماضي، ينص على أن اللجنة الإدارية والقانونية تقوم بدورها حتى نهاية الشهر الجاري، مع صرف الحكومة رواتب شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين لموظفي غزة، وهو ما لم يتم حتى اللحظة.
واستدرك "أن اللجنة لم تلتئم بعد، ولم تجتمع بكل أعضائها في غزة والضفة، وفق اتفاق القاهرة، ولم تسلم تقرير عملها، مشيرًا إلى أن أعضاءها من الضفة الغربية فقط.
ورأى أن عدم التئام اللجنة بكل أعضائها، "يثير مزيداً من الخوف والريبة، لكل موظفي القطاع العام بغزة، ما ينعكس سلباً على نتائجها".
وشدد على أنه "إذا بقيت الأمور على حالها، وبقاء اللجنة من جهة واحدة، فلن نعترف بمخرجاتها، لأنها لن تكون حيادية، وستكون مخرجاتها سلبية على الموظفين".
وبحسب الغندور، فإن الحمد الله تحدّث عن ما أسماها "حلول ذكية وخلاقة"، دون الخوض في تفاصيل هذه الحلول.
بدوره، رفض عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، تصريحات الحمد الله حول حجم إنفاق الحكومات المتعاقبة على غزة منذ بدء الانقسام، والتي قدرها الحمد الله بأكثر من 16 مليار دولار.
وقال أبو مرزوق في تصريحات صحفية:" يجب على رئيس الوزراء رامي الحمد الله، أن يذكر كم كان من أموال المساعدات بعد الحروب الثلاث على غزة ضمن الـ16 مليار التي ذكرها اليوم؟".
وأضاف: "لم يشِر الحمد لله في تصريحه غير المقبول وطنيًّا كم أنفق على الأجهزة الأمنية والقدس والضفة".
بدوره، طالب القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أسامة الحج، المسؤولين كافة في الحكومة، بعدم إصدار أي "تصريحات توتيرية"، من شأنها إثارة الخلاف والبلبلة في الشارع الفلسطيني.
وأكد الحج في تصريح لصحيفة "فلسطين"، ضرورة الالتزام ببنود اتفاق القاهرة الأخير، من جميع الأطراف، وعدم العودة للتصريحات التوتيرية.
وقال: "يجب أن تقوم اللجنة الإدارية بدورها، وتأخذ قراراتها وفق مصلحة الجميع"، مشيراً إلى أن كل الموظفين هم أبناء الشعب الفلسطيني، ويجب إيجاد حل مناسب يكفل كرامة الجميع.
وجدد تأكيده على ضرورة قيام الحكومة بواجباتها وإنهاء الأزمات العالقة مثل الكهرباء والموظفين وغيرها، وليس وضع عراقيل تعطّلها، من أجل تمكين الشعب الفلسطيني لمواجهة التحديات، وخلق ظروف مناسبة له.
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية محمود خلف، إن اللجنة التي جرى الاتفاق عليها لدراسة ملف موظفي غزة لم تنتهِ من عملها بعد، ومن المفترض أن تسلّم تقريرها أول شهر فبراير القادم.
ورأى خلف خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن استباق عمل اللجنة ببعض التصريحات "لا يفيد من قريب أو بعيد"، لافتاً إلى وجود اتفاق يقضي بدمج كل الموظفين واستيعابهم.
وأضاف أن "الحمد الله اعتمد في تصريحاته على أنه لا يمكن رمي أي موظف، وحلول خلاقة، لكن كان المفترض أن يُعلن عن طبيعة هذه الحلول، إضافة لوضع حيز للخريجين الجدد، ومكانهم في الوظيفة العمومية".
وأعرب خلف، عن أمله ألّا تؤثر هذه التصريحات على مجريات المصالحة الفلسطينية، وتتسبب بإعاقتها "رغم البطء الشديد لها".
عنصرية وتنكر
من ناحيته، رأى الكاتب والمحلل السياسي د. فايز أبو شمالة، تصريحات الحمد الله "يشوبها العنصرية والتنكر لغزة، لا سيما أن الحكومة تدّعي عدم القدرة على الجباية والتمكين".
وقال أبو شمالة لـ"فلسطين": "إن الحكومة تنظر لموظفي غزة، نظرة ضيقة، من خلال هذه التصريحات، وهو أمر مستهجن ومستغرب".
واعتبر حديث الحمد الله، بهذا الشكل، يتنافى مع الأخلاق والمبادئ الفلسطينية، وقيم المصالحة الفلسطينية، مؤكداً أنه يؤثر سلباً على مجريات المصالحة وتحقيقها.
في الأثناء، رأى أن تصريحات الحمد الله، "تدلل على أنه لا يمتلك قرارًا، وهو أداة تنفيذية بيد رئيس السلطة محمود عباس، لذلك نحن أمام صورة مشوهة للمصالحة وغير منضبطة للعلاقة الفلسطينية"، وفق قوله.

