لأول مرة منذ شهور، تجتمع اللجنة الوطنية للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية غدًا، وسط آمال بتقديم إحالة بشأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما الاستيطان، والعدوان الأخير على قطاع غزة، بحسب عضو اللجنة مصطفى البرغوثي.
وأعرب البرغوثي، أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، عن أمله بأن يخرج الاجتماع المقرر الإثنين (غدا) بقرار إحالة (إسرائيل) والضباط والحكام والمسؤولين عن جرائم الاحتلال، سواء الاعتداء على غزة أو جرائم الاستيطان، فورا لمحكمة الجنايات الدولية.
وباتت فلسطين المحتلة عضواً رسمياً في المحكمة الجنائية الدولية، في الأول من نيسان/ أبريل 2015 ما يتيح لها قانونياً ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.
وأوضح البرغوثي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن لجنة المتابعة مع "الجنائية" "لم تجتمع منذ عدة أشهر".
وأرجع عدم اجتماع اللجنة منذ ذلك الوقت، إلى أنها اتخذت قرارا منذ نوفمبر 2016، بضرورة إحالة (إسرائيل) إلى "الجنائية"، لكن هذا القرار لم ينفذ حتى الآن.
وردا على سؤال: ما الذي منع تنفيذ القرار؟ أجاب: "اللي بدهم ينفذوه لم ينفذوه"، في إشارة إلى المستوى السياسي الرسمي الفلسطيني.
وكان مصدر فلسطيني مطلع، قال لصحيفة "فلسطين" في فبراير/ شباط 2017 إن المستوى السياسي في السلطة الفلسطينية لم يتخذ قرارا نهائيا حتى الآن بتقديم "إحالة" لمحكمة الجنايات الدولية بشأن الاستيطان الإسرائيلي، مبينا في الوقت نفسه، أن أعضاء اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة مجمعون على ضرورة تقديم الإحالة.
وقال البرغوثي: "كان يجب التوجه لمحكمة الجنايات بالإحالة، منذ زمن بعيد (...) يجب أن يتم ذلك فورا".
كما أشار إلى وجوب الانضمام لكافة المؤسسات الدولية التي كانت الولايات المتحدة تعارض انضمام دولة فلسطين –المراقب غير العضو في الأمم المتحدة- إليها، مؤكدا ضرورة التحرر نهائيا من كل قيود اتفاق أوسلو، وعلى رأسها التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل)، الذي يجب وقفه بالكامل.
وفي ذات الإطار، شدد أمين عام المبادرة الوطنية، على ضرورة الإسراع في دعوة لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية إلى الاجتماع، "حتى يكون لنا قيادة موحدة في إطار منظم تنفيذا لقرارات اجتماع القاهرة الأخير" بين الفصائل الفلسطينية.
وأعرب عن أسفه، لكون القمة الإسلامية التي انعقدت أخيرا في تركيا لم تأخذ قرارا بطرد السفراء الإسرائيليين وقطع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
لكن البرغوثي أردف: "الفرصة لا تزال متاحة للضغط في هذا الاتجاه"، منوها إلى أن (إسرائيل) لن ترتدع إلا من خلال "المقاومة الشعبية لها على الأرض والمقاطعة الشاملة لها دوليا"؛ وفق تعبيره.
وكان رئيس السلطة محمود عباس، قال في خطابه أمام الأمم المتحدة في 20 أيلول/ سبتمبر 2017، إن السلطة طلبت من الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي مع المسؤولين الإسرائيليين حول الاستيطان والاعتداءات.
أدلة كافية
وهو ما أكد عليه رئيس مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، عصام يونس، بضرورة "إبقاء الملف حياً، بالتواصل معها، والطلب من المدعي العام الخاص بها، البدء في تحقيقات جرائم الاحتلال المقترفة في الضفة والقطاع".
وأكد يونس، عضو لجنة المتابعة مع "الجنائية"، لصحيفة "فلسطين"، أن ما وصل للمحكمة من معلومات وأدلة كاف للبدء بتحقيقات جدية، مشيرًا إلى أن أربعة ملفات قدمت للمحكمة سابقا تتعلق بجريمة الحصار المفروض على القطاع، والعدوان، وجريمة مدينة رفح التي تعرف بالجمعة السوداء خلال العدوان الأخير، والاستيطان.
وقال: "الآن المحكمة يجب عليها البدء في إجراء التحقيق الفعلي بهذه الجرائم، حيث إن الزمن ضاغط على الضحايا، في وقت ينظر الجميع للعدالة المنجزة بأن تكون سريعة".
وشدد على أن الفلسطينيين ينتظرون من المحكمة إجراءات بحجم الجرائم المرتكبة ضدهم، ولا زالت ترتكب. وتابع يونس: "النظام الكوني للعدالة في موضع امتحان حقيقي، وفي قدرته من الاقتراب من العدالة المغيبة في هذ المكان من العالم"، منبهاً إلى أنه في حال عدم تحقيق ذلك فإن هذا النظام سيصبح موضع تساؤل كبير.
وأوضح أن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في ظل تكرار عدوانهم وجرائمهم تعد حماية للمدنيين، ومنعا لاستمرار هذه الجرائم بحقهم، وحماية للأمن والسلم الدوليين.