بعد الغضب العارم الذي اجتاح الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي، إلى جانب مواقف حكومية ودولية متقدمة لمصلحة الجانب الفلسطيني، ردًّا على عبث الرئيس الأمريكي ترامب بمكانة القدس وقدسيتها؛ يحاول كيان الاحتلال الإسرائيلي تغيير المشهد، وتحويله من معركة الدفاع عن القدس إلى معركة جانبية مصطنعة مع المقاومة في قطاع غزة، ولذلك هو يسعى جاهدًا إلى استفزاز المقاومة، وخاصة كتائب عز الدين القسام، بشنه غارات مع تقليله قدر الإمكان الخسائر في الأرواح، حتى يجر المقاومة إلى حرب رابعة.
كتائب القسام توعدت المحتل الإسرائيلي في بيان عسكري بتدفيعه ثمن كسره قواعد الاشتباك مع المقاومة، وحين تتحدث كتائب القسام عن كسر قواعد الاشتباك فهذا يعني الإصرار على استفزاز المقاومة لجرها إلى حرب، ونحن نتوقع أن كتائب القسام تملك الكثير من الخيارات للرد على العدوان الإسرائيلي، ولكنها _من وجهة نظري _لن تبادر إلى استخدام الصواريخ ردًّا على الاستفزازات الإسرائيلية، أو ردًّا على جريمة ترامب، لأسباب، منها:
أولًا: إطلاق الصواريخ يعني الدخول في حرب، وليس من مصلحة القسام بدء الحرب، لأنها إذا بدأتها فسيكون المستوى العرب الرسمي إلى جانب الكيان العبري، وستكون فرصتهم لضرب المقاومة في غزة بالاستعانة بقوى خارجية، وهذا يختلف عندما تستخدم كتائب القسام ترسانتها لرد العدوان الإسرائيلي عن غزة، أو إذا ما وقع على الشعب الفلسطيني اعتداء غاشم لا يكون رده إلا بتلك الطريقة، أو إذا خنقت غزة إلى درجة لا يمكن عندها السكوت.
ثانيًا: إعلان ترامب القدس عاصمة للكيان الغاصب ليس أكبر كارثة تحل على القدس والفلسطينيين بل احتلال فلسطين _وفيها القدس_ هو الكارثة الكبرى، والتنازل عن ثلاثة أرباع الوطن هو أيضًا كارثة أكبر من جريمة ترامب، التي لا تضيف الكثير إلى جرائم الغرب والمحتل الإسرائيلي، وهي ضربة لعملية التسوية كما هي ضربة للقضية الفلسطينية.
ثالثًا: القسام لديها الكثير من الخيارات والردود التي قد تكون محدودة، ولكنها موجعة، دون إعطاء المتآمرين من العرب والغرب ذريعة لاستهداف المقاومة وقطاع غزة.
رابعًا: الدفاع عن القدس واجب الكل الفلسطيني والعربي والإسلامي، ولابد أن يتفاعل هذا الكل حتى يبلغ درجة التأثير حتى تحقيق الأهداف المطلوبة، وأي معركة قد تبدؤها كتائب عز الدين القسام ستجهض التحركات الفلسطينية والعربية والإسلامية حتى تحركات الأحرار في العالم كله.