غمرتني الفرحة حينما علمت أن الشهيد المهندس الطيار محمد الزواري التونسي الجنسية ينتمي إلى كتائب القسام، وهو مهندس طائرة أبابيل التي أفقدت العدو الصهيوني صوابه في حرب عام 2014م؛ فالخير موجود في الأمة العربية، والقضية الفلسطينية لها روحها بين أبناء الأمة كأمثال الزواري، فهو منتسب إلى القسام منذ عشر سنين، وقدم لها المساعدة في تطوير الطائرات لتحلق في عالم الاستخبارات لتنقل خبر العدو إلى المقاومة.
ولكن السؤال: كيف وصل (موساد) إلى الزواري؟
فلنقرأ التاريخ، كيف اغتال (موساد) المهندس محمود المبحوح في الإمارات؟، وكيف اغتال من قبله خليل الوزير (أبا جهاد) في تونس، وصلاح خلف، وكثيرًا غيرهم؟، وكيف وصل إليهم؟
يعمل (موساد) ليل نهار ليستخبر عن كل نسمة هواء تصل إلى المقاومة، وهو يعلم أن المقاومة تتطور بكل الوسائل من داخل فلسطين ومن خارجها، والمخابرات الصهيونية ترفع التقارير إلى رئاسة الحكومة في كل يوم لإطباق الحصار على غزة، خوفاً من نقل التقنيات من الخارج إلى غزة، فالعدو الصهيوني بات يعلم أن القسام لها جيش من المحبين في العالم، فأصبح يسقط ويجند العملاء في الخارج في الوطن العربي وفي أوروبا من أجل قص الأثر عن كل إنسان يقدم مساعدة لأهل غزة، فكلٌّ يعي أن الكيان العبري يفكر ويضع الأموال أمام المفكرين من أجل إبعاد الشباب العرب عن قضية فلسطين، ومشروع التسوية الذي أعلن باتفاقية أوسلو خير دليل، إذ وقف سدّاً منيعاً أمام الشاب العرب الذين يحبون القضية الفلسطينية بل صرفهم عن التفكير بفلسطين.
فـ(موساد) الإسرائيلي يتكون من ثلاثة أقسام رئيسة: قسم المعلومات الذي يتولى جمع المعلومات من (فيس وواتس وتويتر)، ومراقبة المطارات، ويحاول استقراء هذه المعلومات وتحليلها ووضع الاستنتاجات بشأنها، وقسم العمليات الذي يتولى وضع خطط العمليات الخاصة بأعمال التخريب والخطف والقتل ضمن إطار مخطط عام للدولة، وقسم الحرب النفسية الذي يشرف على خطط العمليات الخاصة بالحرب النفسية وتنفيذها، مستعينًا في ذلك بجهود القسمين السابقين عن طريق نشر الفكرة الصهيونية، وألحقت بجهاز (موساد) مدرسة لتدريب المندوبين والعملاء، مركزها الرئيس حيفا، ويدرب فيها على قواعد العمل السري والأعمال التجسسية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن منتسبيه لا يحظون برتب عسكرية؛ فهم يعملون في مؤسسة مدنية، لكن جميع موظفيه خدموا سابقًا في الجيش الإسرائيلي، وأغلبهم من الضباط.
مهمة الجهاز التنفيذي في (موساد) الرئيسة هي إدارة شبكات التجسس في الأقطار الخارجية كافة، وزرع عملاء وتجنيد المندوبين في مختلف أنحاء العالم، وتوجيه فرع المعلومات العلنية الذي يرصد مختلف مصادر المعلومات التي ترد في النشرات والصحف والدراسات الأكاديمية والإستراتيجية في العالم، إضافة إلى إحباط تطوير الأسلحة غير التقليدية من قبل الدول المعادية وإحباط تسلّحها بهذه الأسلحة، والحصول على معلومات استخبارية إستراتيجية وسياسية، وعلى معلومات ضرورية تمهيدًا لتنفيذ عمليات خارجية تتعلق بالأساس باغتيال قياديين فلسطينيين أو من دول عربية أخرى معادية، ويرمي (موساد) إلى إقامة علاقات سرية خاصة خارج البلاد مع العمل على الحفاظ عليها، ويمتلك (موساد) العديد من الشركات التجارية الوهمية في أنحاء العالم، ذات أرقام تسجيل تجارية، وكشوف ضريبية سليمة، مع أنها في حقيقتها أماكن تستخدم غطاء أمنيًّا لأنشطة (موساد) ليدخل من طريقها إلى كل أفراد الشعب ليكشف أحاسيسهم تجاه فلسطين.
أجزم أن المهندس الطيار الشهيد محمد الزواري شهيد الأمة وشهيد فلسطين وشهيد القسام قد وصل إليه عناصر (موساد)، واغتالوه لتطوى صفحات عز وشرف للأمة، وستكشف الأيام عظيم فضل هذا البطل التونسي.
فيا شباب الأمة، كونوا مثل الزواري في صنيعه ولا تكونوا مثل ناقل الأخبار بلا وعي عبر وسائل الاتصال، فكن حذرًا _أيها الشاب_ من أجل رفع الظلم عن أهل فلسطين، وكن جنديّاً في موقعك، وكن مرابطاً في وطنك من أجل فلسطين؛ فـ(موساد) لا يترك وسيلة من وسائل إسقاط الشباب إلا وجربها؛ فكن واعيًا مستنيرًا.