النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية يحصل له بها التنعم بما أعده الله له من النعيم جزاء له على أعماله العظيمة الطيبة التي قام بها في دنياه، وذلك بعد أن توفاه الله تعالى في الدنيا, قال تعالى: [إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ] {الزُّمر:30} .
أما روحه صلى الله عليه وسلم فهي في أعلى عليين لكونه أفضل الخلق، وأعطاه الله الوسيلة وهي أعلى منزلة في الجنة عليه الصلاة والسلام.
وحياة البرزخ حياة خاصة فالأنبياء أحياء والشهداء أحياء في البرزخ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون) أخرجه المنذري والبيهقي، وصححه وله شواهد في الصحيحين.
والأصل في الأموات أنهم لا يسمعون كلام الأحياء من بني آدم، لقوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فاطر/22، فأكد الله عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى. ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل دعاء أو نداء من البشر، وإنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه فقط لما رواه أبو داود (2041) بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " وهذا ليس بصريح أنه يسمع سلام المسلِّم، بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلّغته الملائكة ذلك. ولو فرضنا سماعه سلام المسلِّم، فهو استثناء من الأصل كما استثني من ذلك سماع الميت لقرع نعال مشيعي جنازته، واستثني من ذلك سماع قتلى الكفار الذين قبروا في قليب بدر لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم حين قال لهم: " هل وجدتم ما وعد ربكم حقا، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا " انظر فتاوى اللجنة الدائمة (1 / 313،318، 321)
وأما بالنسبة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم والطلب منه مباشرة فهذا عين الشرك الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم لينهى عنه، ويحارب أهله، ولمعرفة حكم ذلك بالتفصيل يراجع السؤال رقم (10289) و (11402) و (1439) .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا