فلسطين أون لاين

على أعتاب القدس اليوم يجب أن نعترف...

دون أن نندب حظنا أو أن نهرب إلى الأمام فنعلق فشلنا على غيرنا، ومن أجل أن نتلمس طريقنا من جديد لنصرة قدسنا لا بد وأن نعترف ..

لا بد وأن نعترف لك يا قدس بأننا أغمضنا أعيننا وطمسنا على عقولنا ونحن نراهن على الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ مؤتمر مدريد وما أعقبه من أوسلو وتوابعها من اتفاقيات وسرنا في دروب سياسية كان علينا أن نقف على أهم أبجدياتها وهي معرفة الصديق من العدو .. تجاهلنا ذلك وعلقنا آمالنا على أن يحدث تغيير في السياسة الأمريكية لصالحنا .. خذلتنا الإدارة تلو الإدارة وكنا عند كل انتخابات أمريكية نأمل أن تأتي إدارة تتفهم شيئا من حقوقنا، إلى أن جاء آخرهم ترامب بعد ست وعشرين سنة من مؤتمر مدريد ليصفعنا هذه الصفعة النكراء علنا نصحو من وهمنا فنعود للمربع الأول: أن هذه الإدارة الأمريكية عدوة لنا وحليفة إستراتيجية لعدونا ..

لا بد وأن نعترف لك يا قدس بأننا عندما راهنا على خيار المفاوضات أجلنا موضوعك ولم نقف عند مكانتك الحقيقية التي تتطلب منا وضعك على رأس سلم أولوياتنا .. للأسف وافقنا على جعلك على قائمة القضايا المؤجلة ووقعنا اعتراف سلام واعترافا متبادلا دون أن نصر على حقنا فيك وتقديمك على ما اتفقنا عليه من فتات إذا قورن بحجمك وعمق ما تعنيه لنا .. وافقنا على تأجيل البحث في موضوعك بينما استغل عدونا وعدوك هذا الحق المؤجل ليسابق الزمن في التهويد والاستيطان وابتلاع ما يمكن ابتلاعه إلى أن يحين وقت فتح ملفك حيث يكون قد تم ابتلاعك وهذا ما حصل بالفعل . وجاء موقف الرئيس الأمريكي ليتوج هذا الخبث والدهاء الذي أحاط بالقدس ويعلن تماهي دوره بدور ربيبته الفعلي على الأرض.

لا بد وأن نعترف لك يا قدس كساسة فلسطينيين شعبهم يرزح تحت الاحتلال ومع هذا يمارسون لعبة الانقسام بأنك لم تعودي كما كنت من قبل قلبنا وروحنا ووحي نضالنا وموحدة مشاعرنا وقبلة سياساتنا ورمز كرامتنا .. لو كان ادعاؤنا لحبك صادقا لما وقعنا في شباك الانقسام ولما تفرقت وحدتنا ولما ذهب ريحنا .. أما وقد أعلنها ترامب وتبرع بها بسخاء لعدونا فلم يعد للحديث عن الانقسام أي طعم أو معنى .. لا بد وأن تعود القدس الموحدة موحدة لنا، ولا بد من نبذ كل من ينبض خارج نبضك أو يغرد خارج سربك .. يجب أن تعودي قبلة سياساتنا ولن يقدر على هذا سواك ..

لا بد وأن نعترف لك يا قدس بأن أمة العرب عندما تدفع أموالها وتضخ بترولها وتذهب بثرواتها لصالح من يدعم عدوها بكل ما أوتي من جهد وقوة فإنها عن سبق إصرار وترصد لا تتوقع إلا هذا الجميل بتقديم القدس على طبق من ذهب إلى جارها المسكين ! .. لو دفعوا نسبة يسيرة من هذا السخاء لصمود القدس وأهلها لتغير الحال .. لو فكروا في القدس ووضعوها على أجندتهم وسلم أولوياتهم لما ضاعت القدس ..

لا بد وأن نعترف لك يا قدس بأن النزاع والشقاق والتناحر والاقتتال والتآمر والدمار وكيد بعضنا لبعض بقوة المال والسلاح وتوظيف الدين أحيانا في المحيط العربي ما كان له أن يحدث لو بقيت بوصلتنا متجهة نحو القدس .. للأسف نسي المتحاربون القدس وضاعت البوصلة .. لا بد من إعادة طرح فلسطين القضية المركزية للأمة والقدس هي قلب هذه القضية وبالتالي لا تتجه بوصلتنا إلا للقدس .

لقد جاء ترامب بهذا الحجم الهائل من الصلف والوقاحة والاستخفاف بكل الأمة العربية والإسلامية ، بحلفائه قبل أعدائه وبالقريب منهم قبل البعيد ليصحيَ الغافل ويوقظ النائم وليصغيَ من كان له قلب مع القدس أو ألقى السمع وهو شهيد على ما يفعلون في القدس وفلسطين .. لا بد بعد كل هذه الاعترافات التي تحدد حجم جريمتنا نحن مع القدس أن ننطلق لمواجهة جريمتهم ولا يكون هذا أبدا إلا بعد تغيير قواعد المواجهة ... معرفة الصديق من العدو وتوجيه البوصلة بصدق نحو القدس وإعادة الاعتبار للقدس على أنها عرضنا وكرامتنا وقلبنا وروحنا فمن يمس بها فكأنما ينتزع منا قلوبنا وينتهك عرضنا وكرامتنا .. هم يقولون ويعلمون أبناءهم : "لتقطع يميني إذا نسيتك يا أورشلايم " ونحن علينا أن نقول : "لينتزع قلبي من صدري إن نسيتك يا قدس ." .