رأى محللون سياسيون، أن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً بمدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إلى المدينة المقدسة، يطلق "رصاصة الرحمة" على مشروع التسوية السياسية، ويقود المنطقة إلى الاشتعال.
وبين المحللون، أن القرار الأمريكي مخالف لقواعد القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة، وكل القرارات الصادرة عنها منذ عام 1948م.
وفي قرار تاريخي، اعترف الرئيس الأميركي أمس، بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، وقرر نقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إليها، ما أثار إدانات واسعة من العالمين العربي والإسلامي ومن المجتمع الدولي.
قرار خطير
ورأى المحلل السياسي سامر أبو العنين أن القرار ينهي "حل الدولتين" ومشروع التسوية بشكل كامل، بعد أن كانت السلطة الفلسطينية تطمئن وتسوق للشعب الفلسطيني بأن هناك تسوية سياسية".
وقال أبو العنين لصحيفة فلسطين": إن "مشروع التسوية انتهى بشكل كامل، ولا يوجد أي دولة تستطيع الدخول بمسار التسوية، وإذا ما فتح هذا الملف فإن موضوع القدس منتهٍ وسيكون خارج أي محادثات".
وبشأن ادعاء ترامب أن القرار لا علاقة له بالوضع النهائي بالقدس ولا ينهي حل الدولتين، أوضح أن كلام ترامب للتغطية والتمويه على قراره، وأن هذا الكلام للاستهلاك العاطفي وقيل مرارا من رؤساء أمريكا منذ اتفاق مدريد عام 1991، واتفاق أوسلو عام 1993م، فيما كانت تضيع القدس "شبرا شبرا" إلى أن وقعت تحت سيادة الاحتلال.
وذكر المحلل السياسي، أن "قرار ترامب مبني على أسس خطأ ويهدف إلى كسب تأييد شعبي أمريكي، في الوقت نفسه يضرب بعرض الحائط التحذيرات التي أطلقها قادة عرب ومسلمون بأن القدس "خط أحمر".
وأضاف: "سيترتب على الاعتراف الأمريكي أن الاحتلال سيمارس كل ما بوسعه لاستكمال خططته في تهويد القدس، وسيضرب بعرض الحائط القرارات الدولية في ظل وجود اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال".
وسينعكس هذا الاعتراف بشكل خطير، كما تابع، على واقع المقدسيين الذين سيصبحون مهددين بالتهجير أو القبول بشروط معيشية متدنية، فضلا عن أن المؤسسات الإسلامية والمسيحية ستكون في خطر، وسيحاول الاحتلال التحكم بالمسجد الأقصى وأماكن العبادة.
خطورة القرار
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت جهاد حرب أن القرار مخالف لقواعد القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة وكل القرارات الصادرة عنها منذ عام 1948م.
وبين حرب في حديث لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن القرار الأمريكي لا يمنح شرعية للاحتلال الإسرائيلي أو يغير من طبيعة القدس، لكن الخطورة فيه هي أن تقوم بعض الدول باتباع أمريكا بنقل سفاراتها للقدس".
وذكر أنه "ينسف أي عملية تسوية مستقبلية، خاصة فيما يتعلق بموضوع حسم مدينة القدس باعتبارها جوهر القضية والملف الرئيس في الوضع النهائي".
ويعتقد المحلل السياسي، أن القرار الأمريكي هو إعلان عهد جديد من المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، لكنه أضاف أن "إطالة عمر هذه المواجهة مرتبط بتوجهات القيادات الفلسطينية بتحديد أولويات العمل في المواجهة، وبوحدة الأطراف الفلسطينية ووضع جدول وبرنامج وطني".
وحول خيارات الفلسطينية والعربية لمواجهة القرار الأمريكي، قال حرب إن أولها تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي لانتهاك أمريكا قواعد القوانين الدولية، والثاني الذهاب لتخفيض أو قطع مستوى العلاقات مع أمريكا.
أما على المستوى الفلسطيني، والكلام لحرب، يجب إحالة ملف الاستيطان للجنايات الدولية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية، بالإضافة للمواجهات والتظاهرات والتجمعات الشعبية الواسعة أمام سفارات أمريكا بالعالمين العربي والإسلامي.
انتهاك للقوانين
الباحث الجزائري والمختص في القانون الدولي د. إسماعيل خلف الله، رأى أن قرار ترامب مثّل "انتهاكا للقوانين والاتفاقيات والقرارات الدولية"، بمصادرة حق الفلسطينيين بمدينة القدس.
وذكر خلف الله لصحيفة "فلسطين"، أن القرار أعدم الدور الأمريكي في قضية التسوية، وجاء ليستفز العالمين العربي والإسلامي، بعد تجاهل ترامب كافة التحذيرات من زعماء الدول العربية والإسلامية.
وعد أن القرار وجه ضربة قاضية لكل مشاريع التسوية والمفاوضات التي تمت على أساس حل الدولتين، وهو ينسف البناء الذي بناه المجتمع الدولي بشأن حل الدولتين وبالتالي خالف توجه المجتمع الدولي في موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وحذر الباحث الجزائري من أن يؤثر القرار على كيانات دولية أخرى بحيث تتبع النهج الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة لاحتلال، مشيرًا إلى ضرورة صناعة لوبي عربي إسلامي لمواجهة القرار الأمريكي، لا سيما مع التوجه لصناعة واجهة جديدة تقوم على أساس جعل القدس للاحتلال قضية طبيعية يتقبلها المجتمع الدولي.
وذكر خلف الله أنه يجب على الدول العربية والإسلامية المبادرة بدفع المجتمع الدولي لرفض التوجهات الأمريكية.