يلوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة لا تحظى بتأييد القانون والقرارات الدولية.
ويقول أستاذ القانون الدولي في جامعة الملك فيصل د. محمود المبارك، إن القدس "أرض فلسطينية محتلة من قبل الإسرائيليين"، مبينا أن قرارات مجلس الأمن الدولي وبيانات رئاسة المجلس، والجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرار محكمة العدل الدولية سنة 2004 بشأن جدار الفصل العنصري، كلها تؤكد ذلك.
ويوضح المبارك، لصحيفة "فلسطين"، أن القدس تعامل في القانون الدولي بأحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949.
ويشير إلى أن صدور أي قرار من البيت الأبيض بشأن القدس، لا يغير من الواقع المتعلق بالقانون الدولي شيئا.
وينوه إلى أن القانون الدولي، يعتبر شرقي القدس بما فيها المسجد الأقصى أراضي احتلت سنة 1967، "وهذا أمر متفق عليه حتى من قبل التصريحات الأمريكية ذاتها التي كانت تؤكد دائما موقفا ثابتا للولايات المتحدة بأنها لا تقبل احتلال أرض بالقوة".
لكن مسؤولين أمريكيين صرحوا، الجمعة الماضية، بأن ترامب يدرس خطة يعلن بموجبها القدس "عاصمة" لدولة الاحتلال.
ومرر الكونجرس قانون سفارة القدس عام 1995م، الذي يقضي بنقل السفارة من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ رئاسة بيل كلينتون مرورًا بجورج دبليو بوش كما باراك أوباما لجأت إلى استخدام استثناء تنفيذي، لتأجيل نقل السفارة، "من أجل مصلحة الأمن القومي الأمريكي".
ويشدد المبارك، على أن "طول مدة الاحتلال لا يشرعنه"، مؤكدا أنه لا يجب التنازل عن الحق الفلسطيني في القدس.
ويتابع: "حين يتنازل المرء عن حقه ليس له أن يطالب بعد ذلك به"، مردفا: "ليس الآن هناك مجال للتنازل عن الحقوق، كل من يتنازل عن حقه مفرط"، مستدركا: "ليس للسلطة الفلسطينية ولا لغيرها أن تتنازل عن شرقي القدس، بموجب القانون الدولي".
"جريمة حرب"
من جهته، يوضح الخبير القانوني د. حسن جوني، أن مسألة القدس خاضعة للقانون الدولي العام، الذي يقول إن "هذه المدينة هي للدولة الفلسطينية".
ويقول جوني، لصحيفة "فلسطين"، إن موضوع القدس "حساس جدا"، مضيفا أن القانون الدولي العالمي واتفاقية لاهاي لسنة 1907 تمنع الدولة المحتلة من تغيير أي معلم من معالم المناطق التي تحتلها.
ويؤكد أن "القدس محتلة بدون أدنى شك، حتى في قرار التقسيم، القدس غير تابعة لـ(إسرائيل)، وهي مدينة خاضعة للاحتلال".
ولا يمكن الاعتراف لدولة الاحتلال بأي تغيير في القدس المحتلة –بحسب جوني- كما أن أي عملية ضم أرض محتلة في القانون الدولي ممنوعة.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة إذا اتخذت قرار نقل سفارتها من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، فإنها ستكون الدولة الوحيدة في العالم التي تقدم على ذلك، ما يتناقض مع القرارات الدولية والقانون الدولي، وموقف محكمة العدل الدولية.
ويتابع: "القدس منطقة محتلة، لا يجوز نقل السيادة فيها من فلسطين لـ(إسرائيل)".
وتنطبق اتفاقية جنيف الرابعة أيضًا على القدس- وفق جوني- التي تؤكد أن المحتل يبقى محتلا ولا يجوز له التصرف بالأراضي التي يحتلها، أو حتى نقل مستوطنيه إليها، لأن ذلك يعتبر جريمة حرب وفق المادة الثامنة من اتفاقية روما، التي انضمت لها فلسطين، والمادة 85 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف لسنة 1977.
وينوه إلى أن السلطة الفلسطينية يقع على عاتقها عمل دبلوماسي، لأن الموقف الأمريكي "شاذ عن المجموعة الدولية، وحتى الاتحاد الأوروبي وكل دوله ترفضه، لأنه انتهاك خطير للقانون الدولي العام".
ويتوجب تحريك الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذهاب لمحكمة العدل الدولية، بشأن القدس لأن موضوعها "خطير جدا"، وفق جوني، الذى دعا السلطة إلى أن تسلك المسلك القضائي أيضًا ضد موقف الولايات المتحدة، مبينا أن ذلك "مهم جدا".