مجزرة مسجد الروضة في سيناء ليست جريمة عابرة وليست مجزرة كسابقاتها.. من الواضح جدا أن من قرر لها، اراد لها ان تكون حدثا مزلزلا .. وبالفعل حقق ما أراد، لانه بالفعل زلزل الضمائر وزلزل كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .. زلزل دول وكيانات سياسية وتنظيمات وفصائل، وجابهتنا جميعا باسئلة مزلزلة كحجم الحدث تماما .. نسأل أنفسنا عن الذي يقف خلف هذه الكارثة المريعة: من المستفيد؟ من المستفيد من هذه الحجم الهائل من القتلى وما تخلفه من ارامل وايتام وجرحى ومقعدين؟ هل ينقص هذا الشعب البائس بظروفه القاسية المزيد من البؤس والشقاء؟
من الواضح أن الفوضى الخلاقة قد أتت أكلها في المنطقة، أما وقد لمسنا نتائج هذه الفوضى التي أرادتها امريكا للمنطقة فقد ضاعت البوصلة وكان لنظرية التوحش والقتل دون مبرر وسادية الاجرام ان تشق طريقها وسط هذه الادغال الشائكة .. اختلطت الاوراق واصبحت خارج السيطرة وكان للاجرام ان يصعد من وتيرته يوما بعد يوم دون ان تجد من يضع حدا له ودون ان يشق مفكرو الامة وعقلاؤها طريقهم لوضع حد لهذه الظاهرة المقيتة والخارجة عن كل مكوناتنا الفكرية والدينية والانسانية .
لا اعتقد ان أحدا ما أو جهة ما من مكونات الامة العربية والاسلامية تستفيد من هذا الحدث بل الكل يخسر لان الصورة العامة لهذه المجزرة البشعة هو الدم والقتل بهذه الطريقة الدنيئة، مسلحون يقال عنهم مسلمون يقتلون مسلمين ابرياء في مساجدهم واثناء القيام بصلواتهم .. صورة بشعة جدا تنقلها شاشات التلفزة ومواقع النت للعالم اجمع ومسرح هذه الصورة بلاد عربية مسلمة .. اي صورة ترتسم في عقول الناس اجمعين .. لن يقف العالم امام التفاصيل والنتائج التي تصل اليها تحليلاتنا وتحقيقاتنا .. فقط تصله صورة الخبر المباشر ولهم ان يحللوا ما وراء الخبر من خلال منهجيتهم في التفكير الخاصة بهم ..
من المستفيد إذاً اذا كان الكل خاسرًا؟؟ واضح ان من يقف خلف هذه المجزرة يريد خلط الاوراق وضرب كل التوجهات الخيرة: المصالحة الفلسطينية وأمن المنطقة ورفع الحصار عن غزة ويريد كذلك الدفع باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني وايجاد عدو بديل عن العدو المركزي يتم حشد طاقات الامة تجاهه وتنحية القضية المركزية للامة جانبا ..
يجب ان يقودنا هذا الى معالجات فكرية وثقافية واعلامية على الامة ان تقوم بها وان لا يقتصر الامر على المعالجات الامنية .. من السهل إلقاء الامر على عاتق جهة خارجية وأنه فعل اعداء الامة والمتامرين عليها وكفى الله المؤمنين القتال .. هذه الأيدي التي تنفذ كيف وصلت الى هذه الدرجة من الاجرام؟ ولماذا فقدت البوصلة بهذه الشكل المريع؟ ولماذا تستبيح الدم البريء؟ ولماذا تكفر من يقيمون نفس صلاتهم ويعبدون نفس معبودهم .. منذ ظاهرة التكفير والهجرة في اواخر سبعينيات القرن الماضي كان لعلماء ومفكري الامة دور حاضر وقوي وضع حدا في حينها لهذه الظاهرة .. اليوم تمددت هذه الظاهرة وانتشرت وصار لها من يمولها ويسلحها ويقف وراءها .. ما المطلوب اليوم؟ سؤال كبير لا ادعي اني قادر على الاجابة عليه ولكن قد اضع بعض الحروف من خلال تجربتنا المريرة مع الغلو والمغالين في المقال القادم باذن الله..