أجمع محللون ومختصون في الشأن السياسي، على أن تقرير حكومة الوفاق الذي سلّمته لرئيس السلطة محمود عباس حول استلام مهامها في قطاع غزة يعكس تنصلها من المسؤوليات الملقاة على عاتقها.
وعدّ المحللون خلال أحاديث مختلفة مع صحيفة "فلسطين"، التقرير "مُحبطا ومُخيبا لآمال وتطلعات المواطنين حول تحسن أوضاعهم المعيشية، والشعور بثمار المصالحة فعلياً على أرض الواقع".
وكانت الحكومة أرسلت تقريراً لعباس يتكون من ثمانية بنود، يتضمن أهم الانجازات والمُعيقات والتوصيات حول تسلّمها لمهامها في قطاع غزة خلال الفترة 3/10 إلى 14/11.
وتطرق هذا التقرير للحديث عن آليات دمج الموظفين، وعن بعض الملفات المُعقدة التي يجب مناقشتها خلال الاجتماع القادم في القاهرة، مثل التمكين الأمني الكامل للحكومة بأجهزتها الشرعية، وبعض الأمور المتعلقة بمعبر رفح.
المحلل السياسي تيسير محيسن، رأى أن التقرير يعكس الموقف السياسي الذي تتبناه السلطة في مسألة استلام مهامها في قطاع غزة، مشيراً إلى أنه لا يوجد في التقرير ما يتعارض مع السلوك العملي الذي تقوم فيه الحكومة مع متطلبات تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
واعتبر محيسن أن التقرير "فيه نوع من التعالي عن فلسفة عدم التعامل مع موظفي وزارات غزة، بطريقة تشاركية، وهو ما يتعارض مع فلسفة المصالحة المبنية على الشراكة وعدم الاقصاء"، وفق تعبيره.
وقال: إن "التقرير تضمن مواقف تعطي المزيد من الإحباط لدى المواطن الذي تأمل حدوث نقلة نوعية في متطلبات الحياة الخاصة، بعد استلام الحكومة لمهامها في القطاع".
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب: إن حكومة الوفاق لم تكن جاهزة لعملية التسليم والتمكين لأداء مهامها في قطاع غزة، مشيراً إلى أنها لم تضع خططاً ورؤى واضحة للسير عليها.
وأوضح حبيب، أن الآمال التي علقت على إنهاء الملفات الأساسية التي تم تضمينها في اتفاق القاهرة الأخير، لم يتم انجازها خلال الفترة المطلوبة، رغم التسهيلات التي قدمتها حركة حماس لعملها.
وبيّن أن عملية التمكين "ليست سهلة" وتواجه صعوبات واقعية وليست مصطنعة، مشدداً على ضرورة توفر الإرادة لدى الطرفين "لتجاوز هذه الصعوبات، وتحقيق آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني"، وفق قوله.
في الأثناء، توّقع حبيب أن تأخذ عملية التمكين وقتاً أطول مما هو متوقع، لافتاً إلى أنه لا يتم بقرارات فقط، إنما بالتطبيق الفعلي على أرض الواقع.
وتطرق خلال حديثه للدور المصري في هذا الموضوع والوفد القادم لمتابعة التمكين، متوقعاً أن يأخذ ذلك منحى إيجابيا نحو إنجاز تمكين الحكومة، والذي بدوره سيسهل إنجاز بقية الملفات الأخرى.
نصوص غامضة
وحول ما ورد في التقرير، فقد رأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن التقرير تضمن نصوصاً غامضة، وغير واضحة المعالم حول آلية استلام وتمكين الحكومة من أداء مهامها بشكل كامل في قطاع غزة.
وبيّن عوكل، أن هناك تباطؤا وتلكؤا واضحين من الحكومة في تولي مهامها لقطاع غزة، مشيراً إلى أنه يواجه بعض العقبات لاسيما في ظل التدخلات الدولية والاقليمية والعربية في اتمام المصالحة.
ورّجح أن تتم عملية تمكين الحكومة بشكل فعلي بعد الاجتماع المزمع عقده بين حركتي حماس وفتح في القاهرة مطلع الشهر المقبل، في ظل وجود الراعي المصري.
وفي السياق، قال عوكل: إن المصالحة تسير بخطوات جدية هذه المرة، نظراً لوجود العوامل المشجعة للمضي بها خلافاً للمرات السابقة، داعياً في الوقت ذاته إلى إصدار تصريحات حقيقية حول المصالحة تلبي طموح وتطلعات وآمال المواطنين.

