مجرد إبداء التفهم لحالة الإحباط التي أصابت المواطن الفلسطيني سواء منذ اجتماع المصالحة الأول في القاهرة أو بعد صدور البيان الختامي المحبط لا يخفف من قلق المواطنين ولا يقلل من حالة الإحباط لديهم، بل يزيد من حدتهما وخاصة إذا ما تكررت تلك الأسطوانة التي لم تعد تعجب أهالي قطاع غزة، سيما وأنها لا تحمل أي نوع من المواساة فضلا عن الحلول والكلام المفيد.
" التمكين" أصبح عنوانا للتهرب من تنفيذ الاتفاقات وعلى رأسها اتفاقية القاهرة، وإذا ما عدنا إلى الخلف قليلا لتذكرنا قادة منظمة التحرير وهم يرددون أنه لم يعد هناك أي مسألة للتحاور، وإنما فقط لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ونحن نطالب بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بلا زيادة أو نقصان، ثم إنه لا يوجد في الاتفاقات شيء اسمه تمكين لنعرف متى يتحقق بنسبة كاملة ومتى لا يتحقق، وهناك شروط تم فرضها وتنفيذها عند تسليم المعابر، مثل الاستغناء عن خدمات جميع الموظفين السابقين في المعبر، وكانت مخالفة لما تم الاتفاق عليه، واعتبرت أنها علامة من علامات التمكين رغم أنها كادت أن تذهب بكل جهود المصالحة، ومخالفات كثيرة حدثت في اجتماع الفصائل الأخير في القاهرة هددت بنسف المصالحة من أساسها.
ما نود قوله إننا في غزة والضفة لم نشعر بأن الانقسام قد انتهى، نشعر بأن المصالحة ليست بين فتح وحماس وإنما بين الحكومة وموارد قطاع غزة فقط، وهذا أمر لا يبعث على الاطمئنان مطلقا، نحن مع تسلم حكومة الوفاق كامل صلاحياتها حسب ما تم الاتفاق عليه، ولكن على الحكومة أن تعتبر نفسها كما نعتبرها نحن وهي حكومة الشعب الفلسطيني كله وليست حكومة طرف دون طرف.
ثم هناك من يربط التنفيذ الكامل للمصالحة بالتمكين الكامل للحكومة، ولكن لنفترض أننا وصلنا إلى مرحلة التمكين الكامل، فهل ستزول المخاوف؟ أو هل هناك ضمانات لعدم الإخلال بتمكين الحكومة في غزة؟ لا توجد ضمانات سوى النوايا الصادقة لجميع الفصائل لإتمام المصالحة، ولذلك لا بد من الاعتماد على تلك النوايا المصحوبة بتنازلات حقيقية قدمتها حركة حماس لإنهاء الانقسام وإغلاق ملفه إلى الأبد .