تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات إخلاء قسري لعائلات مقدسية من منازلها في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك، بذريعة ما تُسمّى “الملكية اليهودية” للأرض، في خطوة جديدة تندرج ضمن مخطط تهويد المدينة المقدسة.
وشملت عمليات الإخلاء الأخيرة عائلات مقدسية تقيم في المنطقة منذ عقود، من بينها عائلتا الرجبي والبصبوص، إذ أُخرجت تحت تهديد القوات الخاصة لجيش الاحتلال، ما خلّف حالة من الصدمة والحزن العميق بين أفراد الأسر، لا سيما الأطفال وكبار السن، الذين باتوا بلا مأوى.
ويستند الاحتلال في تنفيذ الإخلاءات إلى قرارات محاكمه المسخّرة لخدمة مشاريع التهويد والاستيطان، رغم امتلاك العائلات المقدسية وثائق ملكية تعود إلى العهد العثماني، تثبت حقهم القانوني والتاريخي في منازلهم بمدينة القدس المحتلة.
ويُعد حي بطن الهوى في سلوان من أكثر الأحياء استهدافًا، إذ تسعى الجمعيات الاستيطانية للسيطرة على أكثر من 80 منزلًا يقطنها نحو 700 فلسطيني، في محاولة لتغيير الطابع الديمغرافي للمنطقة وتحويلها إلى بؤر استيطانية تُحاصر المسجد الأقصى.
وأكد محمد الرجبي، أحد أصحاب المنازل التي جرى إخلاؤها في حي بطن الهوى، أن المستوطنين، وتحديدًا جمعية “عطيرت كوهنيم” الاستيطانية، لا يتوقفون عن محاربة الأهالي عبر مزاعم كاذبة وادعاءات باطلة لإخراجهم من منازل أجدادهم وآبائهم.
وقال الرجبي لـ "فلسطين أون لاين": “حصلت الجمعية الاستيطانية على قرار من محاكم الاحتلال لإخراجنا من منزلنا المكوّن من أكثر من عشر شقق، ويقطنه أكثر من 100 فرد، حيث جرى إخراجنا بالقوة وتحت تهديد السلاح من منزلنا التاريخي”.
وأضاف: “سنواجه هؤلاء ولن نغادر منزلنا، لأنه وطننا وتاريخنا، وفيه كل ذكرياتنا، كما يُعد من أهم المنازل في فلسطين لقربه من المسجد الأقصى المبارك، المكان التاريخي المقدس للمسلمين”.
وبيّن أن عائلته تسلّمت من محاكم الاحتلال قرارات إخلاء مطلع شهر يناير، مؤكدًا رفضهم القاطع تنفيذها، لكونهم أصحاب حق تاريخي وقانوني في المنزل.
وأوضح الرجبي أن الاحتلال والمستوطنين يستهدفون جميع منازل المقدسيين في القدس المحتلة، عبر قرارات قضائية جائرة أو محاولات إغراء مالية بملايين الدولارات لدفع العائلات إلى الرحيل، إلا أن هذه المحاولات فشلت ولن تُحقق أهدافها، في ظل تمسّك الأهالي بأرضهم وبيوتهم.
ويُعد حي بطن الهوى من أكثر الأحياء الفلسطينية كثافة سكانية، إذ يقطنه نحو 10 آلاف مواطن، ويقع على بُعد نحو 400 متر من المسجد الأقصى المبارك، حيث يسعى المستوطنون إلى تعزيز السيطرة الاستيطانية على محيط المسجد، وربط البؤر الاستيطانية في سلوان ببعضها، ما يفاقم معاناة السكان ويهدد حقهم الأساسي في السكن.
من جانبه، أكد رئيس لجنة الدفاع عن بلدة سلوان، فخري أبو دياب، أن هذه القرارات تندرج ضمن مخطط ممنهج يهدف إلى تفريغ المنطقة من سكانها الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن حي بطن الهوى يتعرض لاستهداف مباشر ومتواصل من قبل الجمعيات الاستيطانية.
وقال أبو دياب لـ "فلسطين أون لاين" إن “الاستيلاء على ممتلكات المواطنين في الحي يتم بأوامر من محاكم الاحتلال، وبمساندة مباشرة من شرطة الاحتلال، حيث جرى الاستيلاء على عدد من المنازل وإجبار سكانها على إخلائها بالقوة”.
وأوضح أن ما يجري يأتي ضمن مسلسل إجرامي احتلالي متواصل يهدف إلى تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تشكّل جزءًا من مخطط أوسع لتفريغ محيط المسجد الأقصى المبارك، عبر الهدم والاستيلاء والتهجير القسري، تمهيدًا لإحلال المستوطنين مكان السكان الأصليين.
وختم أبو دياب بالتأكيد على أن الهدف النهائي لهذه السياسات هو السيطرة الكاملة على المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك، بعد تفريغها من أهلها المقدسيين.