شهدت مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، أمس، تظاهرات غاضبة شارك فيها المئات من أهالي الشهداء والجرحى والأسرى، احتجاجًا على قرار رئيس السلطة محمود عباس وقف صرف رواتبهم.
ورفع المتظاهرون شعارات تندد بالقرار، مطالبين بالتراجع الفوري عنه، معتبرين إياه طعنًا في تضحياتهم وتنكّرًا لمعاناتهم.
وأغلق أهالي الشهداء والجرحى والأسرى شارع فيصل الرئيس في مدينة نابلس شمال الضفة، مرددين هتافات غاضبة، في حين رُفعت صور الشهداء والأسرى ولافتات كتب عليها "رواتب الشهداء حق مقدس"، و"لا شرعية لمن يتنكر لدمائنا".
ودعا المتظاهرون الفصائل والقوى الوطنية للتدخل السريع، مطالبين بوقف التعدي على حقوقهم المشروعة، محذرين من أن استمرار هذا القرار قد يؤدي إلى تصعيد شعبي أوسع في مختلف مدن الضفة.
والدة الشهيدين جواهر وباسم أبو رحمة، شاركت في الوقفة ورفعت صوتها ضد قرار رئيس السلطة، معتبرة أنها خيانة لدماء الشهداء وتضحياتهم.
وتقول أبو رحمة لـ "فلسطين أون لاين": "ما ذنب عوائل الشهداء أن تعاقب بهذا الشكل؟ السلطة التي يفترض أن تحمينا وتكرمنا أصبحت تضيق علينا وتحرمنا من أبسط حقوقنا".
وتضيف أبو رحمة: "أين محافظة رام الله ليلى غنام من أهالي الشهداء أم أنها تبحث عن الصورة أمام الصحفيين خلال الجنازات والمناسبات، وهنا تبتعد عنا ونحن نطالب في أبسط حقوقنا وهي رواتبنا".
وشددت على أن كل الخطوات التي تقوم بها السلطة مرفوضة من قبل أهالي الشهداء ويجب عليها الحفاظ على كرامتهم وعدم إهانتهم أو جعلهم يحتاجون أحد، أو وضعهم في هذه المواقف والخروج للشوارع من أجل المطالبة في حقوقهم.
كذلك، أكد الأسير المحرر والمبعد إلى مصر منصور موقدة، أنه تحدى دولة الاحتلال بشكل كبير، بعد تنفيذه عملية أسفرت عن قتل مستوطن، وبعدها اضطر إلى العيش مطارد في الجبال والبرد والخوف.
وقال موقدة في مقطع فيديو نشره عبر حسابه في موقع "فيسبوك": "خلال المطاردة أصبت وتم اعتقالي من قبل جيش الاحتلال ودخلت على اثرها السجن مقعد وفي مستشفى الرملة أكثر من 20 سنة".
وأضاف موقدة: "خرجت بصفقة من سجون الاحتلال، وحاليًا معي رتبة عميد ومنذ ثلاثة أشهر لم أتقاضي الراتب، وأنا أعيش حاليًا في مصر واشتري علاج ومريض، وقطعوا راتبي، رغم أني ضحية بدمي وشبابي".
وأوضح أن أبنائه راجعوا أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، وكانوا ردهم أن راتبي على بند الأسير.
وتابع: "هل تريد السلطة مني أنا اتسول في القاهرة من أجل الحصول على طعامي، وأنا لا أعرف هل أنا في كابوس أول حلم، وغير مصدق ما يحصل معي، وهل معقول المسؤول الذي لديه حراسة وسيارات خاصة وراتب ونثريات يرضى ما يحصل معنا".
وقد تحرر منصور في الدفعة السادسة من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة ودولة الاحتلال وهو من مواليد قرية الزاوية غرب مدينة سلفيت شمالي الضفة الغربية بتاريخ 17 فبراير 1968، واعتقل عام 2002، ومحكوم بالسجن المؤبد.
من جانبه، دعا رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير رائد أبو الحمص، إلى استبعاد مؤسسة "تمكين" عن كافة تفاصيل المشهد في صرف مخصصات ذوي الشهداء والأسرى والجرحى، "لما تحمله سياساتها من إنكار لنضالات أبناء شعبنا".
ودعا أبو الحمص اللجنة المركزية لحركة فتح إلى اعتماد بيان أصدره بهذا الخصوص عضو اللجنة توفيق الطيراوي "كموقف رسمي" من حركة فتح .
وقال الطيراوي في بيانه إن فرض الاستمارات للمسح الاجتماعي على الأسرى وذويهم، وربط حقوقهم المالية والمعنوية بتقييمات ومعايير لا تليق بتاريخهم النضالي "هو سلوك مرفوض وطنيًا وأخلاقيًا، ويفتح الباب أمام وصم هذه المؤسسة بمسلكيات مشبوهة تتناقض مع الثوابت الوطنية ومع كرامة شعبنا".
وأضاف أن "الأسرى والجرحى وأسر الشهداء ليسوا عبئًا اجتماعيًا ولا حالات إنسانية طارئة، بل هم طليعة الحركة الوطنية الفلسطينية، وحقوقهم واجب وطني وقانوني غير قابل للنقاش أو المساومة أو إعادة التصنيف".
وقال أبو الحمص إن بيان الطيراوي "جاء في الوقت الذي وجدنا فيه المئات والآلاف من الأسرى والأسرى المحررين وغالبيتهم قادة وكوادر من حركة فتح ممن أمضوا سنوات طويلة في الأسر، إلى جانب الآلاف من أسر الشهداء والجرحى في حالة من التوتر والضياع، جراء السياسات والقرارات التي اتخذتها مؤسسة تمكين، والتي أرادت أن تحول فئات المناضلين إلى فئات اجتماعية خاصة، وفقا لاستمارة مسح اجتماعي".

