سلّطت أوساط إسرائيلية الضوء على الخطاب السياسي الذي قدّمه القيادي في حركة حماس خالد مشعل بعد حرب غزة، مؤكدةً أنه يعكس محاولة لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني وتوسيع دائرته سياسيًا وأيديولوجيًا، في سياق يتجاوز حدود القطاع إلى الإطارين الإقليمي والدولي.
وبحسب قراءة قدّمتها "رونيت مرزان"، الباحثة في الشؤون الفلسطينية ضمن مجموعة أبحاث تمرور–بوليتوغرافيا وجامعة حيفا، فإن خطاب مشعل لم يأتِ بوصفه موقفًا عابرًا أو ردّ فعل مرحليًا على نتائج الحرب، بل عكس توجهًا سياسيًا متكاملًا يسعى إلى تثبيت سردية جديدة لـ "الصراع"، تقوم على ربط غزة بالقدس والمسجد الأقصى ضمن إطار وجودي واحد، وتقديم القضية الفلسطينية باعتبارها محور مواجهة إقليمية مفتوحة مع المشروع الإسرائيلي-الغربي.
وترى مرزان، أن مشعل ركّز على إعادة الاعتبار للمقاومة كخيار استراتيجي، مقابل تراجع الرهان على المسارات الدبلوماسية والقانونية، مع التشديد على أن فك الحصار وكسر القيود المفروضة على غزة يمثلان أولوية سيادية لا تقبل أي صيغة وصاية أو إدارة خارجية، مشيرًا إلى أن أي حلول دولية تتجاوز إرادة الفلسطينيين تمثل إنكارًا لحق تقرير المصير.
وفي البعد الأوسع، وسّع مشعل، وفق التحليل الإسرائيلي، نطاق الصراع ليشمل مختلف مكونات الشعب الفلسطيني، من غزة والضفة الغربية إلى الأسرى وفلسطينيي الداخل، داعيًا إلى وحدة وطنية قائمة على الشراكة لا الاحتكار، ومقدّمًا غزة كنموذج للتضحية والمبادرة رغم الكلفة الإنسانية والمادية الباهظة.
كما لفتت مرزان إلى، أن الخطاب حمل رسائل موجهة للخارج، عبر الدعوة إلى استثمار حالة نزع الشرعية الدولية المتنامية عن الاحتلال وتحويلها إلى أدوات ضغط سياسية وقانونية وإعلامية، بالتوازي مع رفض مشاريع التطبيع والمبادرات الإقليمية التي لا تنطلق من منطق الصراع الوجودي.
وختمت الباحثة الإسرائيلية بالقول، إن خطاب مشعل يعكس مسعى حماس للتموضع ليس فقط كقوة فلسطينية فاعلة، بل كجزء من مشروع إقليمي أوسع، يسعى إلى فرض نفسه في معادلات ما بعد الحرب، وإعادة نقل القضية الفلسطينية من هامش الاهتمام الدولي إلى مركز المشهد السياسي العالمي.
وقبل أيام، نشر موقع "دروب سايت نيوز" حوارًا حصريًا مع رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، تناول فيه موقف الولايات المتحدة من الحركة وحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، ورؤيته لاتفاق وقف إطلاق النار.
وخلال الحوار، دعا مشعل الإدارة الأمريكية إلى مراجعة سياستها تجاه فلسطين، معتبرًا أن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط يتطلب إنهاء التأثير الإسرائيلي على القرار الأمريكي والانخراط في حوار مع حماس والفصائل الفلسطينية.
وأكد أن المرحلة الراهنة تمثل فرصة للولايات المتحدة وأوروبا لإعادة صياغة مقاربتهما للقضية الفلسطينية، مشددًا على أن الانخراط مع حماس والشعب الفلسطيني بات ضرورة سياسية، في ظل التحولات الإقليمية والدولية الجارية.

