أثار قرار رئيس السلطة محمود عباس وقف صرف رواتب أهالي الشهداء والجرحى موجة غضب عارمة في الشارع الفلسطيني، ولا سيما في قطاع غزة، إذ يعاني المتضررون أوضاعًا اقتصادية وإنسانية قاسية منذ سنوات، في حصار مشدد وتصاعد وتيرة الحرب.
وفاجأ قرار عباس عشرات الأسر من ذوي الشهداء والجرحى، الذين اعتبروه «طعنة قاسية» بحق الفئة التي دفعت أغلى ما تملك في سبيل الوطن، متمثلة بدماء أبنائها وسنوات عمرهم التي قضوها في سجون الاحتلال.
وجاء في قرار صدر عن عباس، أن «المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي تُعد الجهة الوحيدة المخولة بدفع المخصصات المالية، وتطبيق معايير الاستحقاق».
وأضاف القرار: «لن تُصرف أي مخصصات مالية لأي فئة من الفئات المشمولة بالنظام الجديد إلا بعد تعبئة الاستمارة الموحدة المعتمدة من قبل المؤسسة، واستيفاء شروط ومعايير الاستحقاق المنصوص عليها في القانون».
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي شهادات ومناشدات لأهالي الشهداء، عبّروا فيها عن غضبهم واستيائهم من القرار، معتبرين أنه «إهانة مباشرة لتضحياتهم»، وتخلٍّ غير مبرر من القيادة الفلسطينية عن مسؤولياتها تجاه عائلات من قدّموا أرواحهم دفاعًا عن القضية.
واتهم أهالي الشهداء السلطة بـ«تسييس» ملف مخصصات الشهداء والجرحى، معتبرين أن القرارات المالية باتت تُستخدم أداة ضغط سياسي في إطار الخلافات الداخلية، ولا سيما تجاه قطاع غزة، الذي يشهد تهميشًا ماليًا وإداريًا متزايدًا من قبل السلطة في رام الله.
كما شهد مخيم العين في نابلس حالة من التوتر، حيث أقدم بعض أهالي الشهداء على إشعال إطارات مطاطية احتجاجًا على قرار قطع رواتب أسر الشهداء والجرحى والأسرى.
وعبّرت الحاجة أم محمد عرفات، ابنة الشهيد محمد عرفات، عن صدمتها فور تلقيها نبأ وقف مستحقات أهالي الشهداء.
وقالت عرفات في حديثها لـ "فلسطين أون لاين": "منذ عامين لم نحصل على مستحقاتنا، بذريعة أسباب فنية، ونحن في أمسّ الحاجة إليها، خاصة في ظل الحرب والمجاعة والنزوح القسري وخروجنا من منازلنا".
وأضافت: "القرار مخالف للقانون والأخلاق والوطنية، وهذه الفئة يجب تكريمها بدلًا من إذلالها، وإشعارنا بأننا عبء على الوطن عبر قطع رواتب أبنائنا التي أقرّها القانون الأساسي الفلسطيني".
وفي السياق ذاته، أكدت عائلات الشهداء والجرحى في فلسطين رفضها القاطع لاستمرار تعطّل صرف مستحقاتها المالية، مشددة على أن الشهداء قدّموا أرواحهم دفاعًا عن كرامة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، فيما ضحّى الجرحى بصحتهم في سبيل الوطن، ولا يجوز أن تدفع أسرهم ثمنًا إضافيًا من جوعها ومعاناتها.
وقال ممثلو العائلات في بيان لهم إنهم يطالبون عباس والجهات المعنية في السلطة الوطنية بالتحرك العاجل والفوري لإيجاد حلول سريعة ومباشرة تضمن عودة صرف الرواتب والمساعدات بشكل منتظم ودون انقطاع، مهما كانت التحديات.
كما ناشدوا جميع أصحاب الضمائر الحية، والمؤسسات الوطنية، والهيئات الشعبية، الوقوف إلى جانبهم والضغط من أجل إنصافهم، مؤكدين أن قضيتهم ليست مطلبًا فئويًا، بل قضية وطنية تمسّ كل فلسطيني.
من جانبه، قال الجريح زياد العلي إنه بعد عامين من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وحرمانه من تقاضي راتبه، لجأ إلى توكيل أحد أقاربه في رام الله لصرف مستحقاته، لكنه فوجئ بقرار وقف الراتب عقب إتمام التوكيل.
وأضاف العلي لـ"فلسطين أون لاين": "القرار يهدف إلى إرضاء الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة على حساب أهم فئة في المجتمع الفلسطيني، وهم أهالي الشهداء والجرحى والأسرى، الذين ضحّوا وقدموا الكثير من أجل الوطن".
وتابع: "المطلوب هو تكريم هذه الفئة، لا محاربتها وقطع أرزاقها والتضييق عليها تحت مبررات غير مفهومة".
وتساءل العلي عن الكيفية التي ستتمكن بها عائلات الشهداء والجرحى والأسرى، لا سيما في قطاع غزة، من مواصلة حياتها بعد قطع رواتبها بشكل كامل، في ظل غياب أي حلول بديلة.