قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الولايات المتحدة تواصل تقديم العون والمساعدة لـ"إسرائيل" عبر نفوذها الدبلوماسي ودعمها السياسي والعسكري والأمني، بما يشمل التمويل وتوريد الأسلحة والذخائر والدعم اللوجستي والتعاون الاستخباراتي، الأمر الذي يمكّنها من الاستمرار في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وأضاف الأورومتوسطي، في تقريره اليوم الأحد، أن هذا الدعم يشكّل انتهاكًا جسيمًا لالتزامات الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ولا سيما واجب المنع وعدم تقديم العون أو المساعدة على ارتكابها.
وأكد المرصد، أن الدعم الأمريكي غير المشروط ينعكس عمليًا في استمرار العمليات العسكرية لـ"إسرائيل" في قطاع غزة، بما يشمل استهداف المدنيين، والهجمات على المناطق السكنية ومراكز الإيواء، إلى جانب تشديد الحصار وعرقلة دخول المساعدات والمواد الأساسية، ما يفاقم النزوح القسري ويكرّس تهجير مئات الآلاف، ويدفعهم للعيش في ظروف تفتقر لأدنى مقومات الحياة، في نمط يُفضي إلى إهلاك فعلي للسكان المدنيين.
وشدّد الأورومتوسطي، على أن الإدارة الأمريكية، إلى جانب مسؤولية "إسرائيل"، تتحمّل مسؤولية استمرار جريمة الإبادة الجماعية في غزة، من خلال إبقاء إجراءات حماية المدنيين معلّقة أو مشروطة، رغم التدمير المنهجي لنحو 85٪ من القطاع، مؤكدًا أن هذا النهج يخلط بشكل غير مشروع بين المسارات السياسية وحقوق إنسانية واجبة النفاذ فورًا ودون قيد.
ونبّه إلى، أن الغطاء الأمريكي الممنوح لـ"إسرائيل" يعرّض المدنيين في غزة لخطر الموت في ظل ظروف قسرية، إذ توفي خلال شهر ديسمبر الجاري نحو 18 مدنيًا، بينهم خمسة أطفال قضوا بسبب البرد، فيما دمّرت العواصف أكثر من 27 ألف خيمة، وأدت لانهيار أكثر من 20 منزلًا متضررًا، في ظل استمرار "إسرائيل" في منع إدخال حلول الإيواء المؤقتة ومعدات إزالة الركام.
وحذّر الأورومتوسطي من، أن "إسرائيل" تستغل الوضع القائم لمواصلة سياساتها، إذ قتلت بالقوة المباشرة نحو 400 فلسطيني منذ إعلان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، بالتوازي مع تسريع تدمير ما تبقى من مبانٍ شرقي ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، بهدف ترسيخ سيطرة عسكرية فعلية على نحو 53٪ من مساحة القطاع، وإعادة تشكيل واقعه الجغرافي والديموغرافي بما يخدم استكمال جريمة الإبادة الجماعية.
ولفت الأورومتوسطي إلى، أن استمرار الوضع الراهن ينذر بانهيار كامل للقطاع الصحي في غزة، في ظل الضغط المتواصل على المرافق الصحية، واستمرار "إسرائيل" في منع إدخال الأجهزة والمستلزمات الطبية الأساسية، وتعطيل إعادة إعمار المستشفيات، لا سيما في شمالي القطاع.
وأضاف، أن "إسرائيل" تواصل رفض فتح معبر رفح لإجلاء أكثر من 18 ألف جريح ومريض لتلقي العلاج خارج غزة، بينما توفي أكثر من ألف مريض منذ يوليو 2024 خلال انتظارهم الإجلاء الطبي، وفق بيانات منظمة الصحة العالمية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن السياسات الأمريكية الداعمة لـ"إسرائيل" تسهم مباشرة في جعل الحياة في قطاع غزة غير قابلة للاستمرار، عبر تعطيل الاستجابة الإنسانية وتقويض مقومات البقاء، محمّلًا الولايات المتحدة مسؤولية قانونية عن النتائج الكارثية المترتبة على استمرار الحصار والتجويع والحرمان المتعمد من المأوى والرعاية الأساسية.
وبيّن المرصد أن الولايات المتحدة، بصفتها طرفًا ساميًا في اتفاقيات جنيف واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ملزمة قانونًا بضمان احترام القانون الدولي الإنساني، والامتناع عن تقديم أي دعم يمكّن "إسرائيل" من مواصلة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، محذرًا من أن استمرار تزويدها بالسلاح يشكّل إخلالًا بواجب المنع ويتعارض مع تدابير محكمة العدل الدولية.
وشدّد على، أن "إسرائيل"، بصفتها قوة احتلال، تتحمّل التزامًا قانونيًا بوقف الهجمات ضد المدنيين، وإنهاء جريمة الإبادة الجماعية، وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ووقف سياسات التهجير القسري، وضمان حق النازحين في العودة الآمنة إلى مناطقهم.
ودعا الأورومتوسطي، الولايات المتحدة إلى وقف جميع أشكال الدعم السياسي والعسكري واللوجستي لـ"إسرائيل" فورًا، والامتثال لالتزاماتها القانونية بعدم المساهمة في جريمة الإبادة الجماعية أو تسهيلها.
ودعا المرصد، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف الإبادة الجماعية في غزة، بما يشمل تعليق نقل السلاح إلى "إسرائيل"، ووقف أي تعاون عسكري أو أمني أو لوجستي، ورفض أي ترتيبات تكرّس التهجير القسري أو السيطرة العسكرية الدائمة.
وطالب المجتمع الدولي بإنشاء آلية مستقلة لضمان فتح المعابر والتدفق العاجل وغير المشروط للمساعدات، بما في ذلك إدخال المساكن المؤقتة ومعدات إزالة الركام ومواد الإعمار، وضمان الإجلاء الطبي الفوري للجرحى والمرضى.
وحثّ الأورومتوسطي الهيئات الدولية، وفي مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية، على تسريع التحقيقات في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة وملاحقة المسؤولين عنها، بما يشمل الجهات التي وفّرت الغطاء والدعم، تأكيدًا على مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
ودعا المرصد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن اللائق إلى التحرك الفوري للضغط من أجل إدخال المساكن المؤقتة ومعدات إزالة الأنقاض، محذرًا من كارثة وشيكة مع دخول فصل الشتاء، في ظل توقعات بانهيار مئات المباني المتضررة فوق رؤوس ساكنيها.

