فلسطين أون لاين

تقرير نازحون يغرقون في خيامهم ومطالب بإدخال لوازم الإعمار

...
صورة من الأرشيف
غزة/ رامي رمانة:

تتفاقم معاناة النازحين في قطاع غزة مع دخول فصل الشتاء، والتأخير المستمر في إدخال مواد الإعمار ومواد الإيواء، وعلى رأسها الكرفانات، ما فاقم حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليون نازح بلا مأوى ملائم يحميهم من الأمطار والرياح والبرد القارس.

وأدت الأمطار الغزيرة والرياح العاتية إلى غرق مئات الخيام وتحولها إلى برك مائية، الأمر الذي زاد من مأساة النزوح، وترك آلاف العائلات، ولا سيما الأطفال والنساء وكبار السن، في ظروف إنسانية قاسية تهدد حياتهم وصحتهم تهديدا مباشرا.

وأكد نازحون أن الخيام الحالية غير صالحة للسكن الآدمي، ولا توفر الحد الأدنى من الحماية، ما أدى إلى تشريد عائلات بأكملها وفقدانها لممتلكاتها القليلة التي تمكنت من حملها بعد نزوحها القسري.

وقال المواطن أبو جواد وشاح، وهو أب لأسرة نازحة، إن ما يعيشونه يفوق قدرة البشر على الاحتمال، مضيفًا: "استيقظنا فجرًا على صوت الرياح والمياه وهي تتدفق إلى داخل الخيمة. خلال دقائق غرقت الخيمة بالكامل، ولم نتمكن من إنقاذ أي شيء. كنا نحمل أطفالنا ونبحث عن مكان جاف، لكن لا يوجد مأوى ولا أمان. ملابسنا، أغطيتنا، أدوية الأطفال، وكل ما نملك ضاع تحت الماء".

وأوضح وشاح لصحيفة "فلسطين" أن الخيام لا تقي من المطر ولا من البرد، مشيرًا إلى أن الأطفال باتوا يعانون من أمراض البرد والرطوبة، وأضاف أن العائلات تعيش حالة خوف دائمة مع كل منخفض جوي جديد، متسائلًا: إلى متى سيبقى الأطفال يواجهون الشتاء بلا مأوى يحميهم؟

ولم تقتصر الخسائر على فقدان المأوى فحسب، بل شملت فقدان المستلزمات الأساسية من ملابس وأغطية وأدوات معيشية وأدوية بسيطة، ما زاد من هشاشة أوضاع النازحين، وجعل حياتهم اليومية أكثر قسوة وخطرًا، في ظل غياب أي بدائل آمنة.

من جانبها، أكدت السيدة ابتهال النجار أن ما يتعرض له النازحون في قطاع غزة يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، مشددة على أن ربط احتياجات المدنيين الأساسية، وعلى رأسها المأوى، بمعادلات سياسية أو أمنية يعد شكلًا من أشكال العقاب الجماعي المحظور دوليًا.

وقالت النجار إن السكن الملائم والحماية من الكوارث الطبيعية ليست مطالب رفاهية، بل حقوق إنسانية أساسية كفلتها المواثيق الدولية، مشيرة إلى أن حرمان العائلات من المأوى في ظل الأمطار والبرد القارس يعرض حياتهم للخطر، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، ويشكل انتهاكًا صارخًا لكرامتهم الإنسانية.

وأضافت لـ"فلسطين" أن استمرار تجاهل معاناة النازحين يفاقم الأزمات الصحية والاجتماعية، مؤكدة أن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والعمل الفوري على توفير حلول إيواء آمنة تضمن حماية المدنيين وتمنع تحول الأزمة الإنسانية إلى كارثة شاملة.

وفي سياق التحذيرات، أكد الخبير الاقتصادي محمد الناظر أن الوضع لم يعد مجرد نقص في المساعدات، بل تحول إلى خطر حقيقي يهدد حياة مئات الآلاف من النازحين، مشيرًا إلى أن إدخال الكرفانات ومواد الإعمار بات ضرورة عاجلة لإنقاذ الأرواح.

وأوضح الناظر لـ"فلسطين" أن توفير مأوى آمن يشكل تدخلًا حيويًا يوفر حماية مباشرة من الرياح والأمطار والبرد، ويحد من انتشار الأمراض الخطيرة، خاصة بين الأطفال، مبينًا أن الاستثمار في الإيواء هو استثمار في الصحة العامة، يقلل من تكاليف العلاج ويحافظ على رأس المال البشري الذي يمثل مستقبل قطاع غزة.

وحذر من أن تعرض الأطفال المستمر للبرد والرطوبة يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض وتأخر النمو والمضاعفات الصحية طويلة الأمد، مؤكدًا أن استمرار التأخر في الاستجابة لنداءات النازحين لا يمثل تقصيرًا إنسانيًا فحسب، بل يشكل خطرًا مباشرًا على الأمن الصحي والاجتماعي للقطاع بأكمله.

وأشار إلى أن أزمة النزوح، في حال استمرارها دون حلول عاجلة، قد تتحول إلى كارثة صحية واجتماعية واسعة النطاق، ستكون تكلفة معالجتها لاحقًا أعلى بكثير من تكلفة توفير المأوى الفوري الآن.

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين