قائمة الموقع

داخل مبنى يتداعى للانهيار.. عائلة نازحة من بيت حانون تسكن الخطر

2025-12-18T07:19:00+02:00
سيدة نازحة مع أحفادها في غزة
فلسطين أون لاين

مع كل هبَّة رياح قوية تطلق العنان لصوتها المرعب، تنهض المسنة اعتدال حمادين من فراشها لتتفقد أبناءها وأحفادها الملتحفين بأغطية خفيفة في مدرسة المأمونية بحي الرمال الشمالي في مدينة غزة، التي صارت مركزًا لإيواء نازحي حرب الإبادة الإسرائيلية.

في الطابق الثاني من المدرسة تقيم اعتدال البالغة (70 عامًا) مع عدد كبير من أفراد عائلتها بين جدران فصل دراسي ضمن مبنى يبدو أنه آيل للسقوط منذ أن لحقت به أضرار بالغة في إثر ضربات جوية عنيفة شنها جيش الاحتلال إبَّان الحرب.

وكان جيش الاحتلال قد شنَّ يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حربًا دموية خلَّفت دمارًا هائلاً في المباني السكنية والبنى التحتية، حتى أن أحياء ومحافظات كاملة دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية.

وفي الساعة الأولى من اليوم الثاني للحرب، شنت طائرات الاحتلال حزامًا ناريًا ألقت خلاله مقاتلات جيش الاحتلال أكثر من 10 قنابل على المدرسة ومحطيها، وسببت دمارًا مروعًا بالمنطقة.

وعندما تلاشت أعمدة الدخان وغبار الانفجارات يومها، تكشفت آثار القصف العنيف الذي خلف ورائه مبنى خرساني مائل يتداعى للانهيار في المدرسة التابعة لوكالة الغوث الأممية "أونروا".

لكن مع توالي أشهر الحرب واستمرار النزوح القسري، لم يجد نازحون أفقدتهم الحرب منازلهم مأوى لهم سوى المبنى المائل من المدرسة، ويضم حاليًا عشرات العائلات.

وفي خضَّم الإبادة، أجبرت اعتدال وزوجها محمد حمادين (73 عامًا)، و30 فردًا آخرين من العائلة على النزوح القسري إلى جنوب وادي غزة، وبعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم 10 أكتوبر 2025، لجأت العائلة إلى المبنى المائل.

وقالت لـ "فلسطين أون لاين"، "قبل أن نأتي إلى هنا عشنا أشهر طويلة في خيام لا تحمينا من قسوة الطقس.. مع كل منخفض جوي تداهمنا الأمطار وتغرق فراشنا، ويموت أطفالنا من البرد."

وأضاف: "اعتقدنا في البداية أن الفصل الدراسي سيكون مكان أفضل من المبيت في الشوارع تحت الخيام."

وتعترف المسنة التي كانت تتحدث بصوت مليء بالخوف والقلق، أن بقائها وأفراد عائلتها في نفس المبنى المهدد بالانهيار، بينهم أكثر من عشرين طفل، ومسنيْن، يهدد حياة الجميع.

إلا أنها تدرك في نفس الوقت أنهم لا يملكون أي خيارات أخرى منذ أن دمر جيش الاحتلال منزل العائلة في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، ولم يعد بإمكانهم الوصول إلى هناك بفعل تواجد جيش الاحتلال.

وتابعت: "هربنا من الأمطار، وصرنا مهددون بالموت إذا انهار المبنى.. لكن أين نذهب؟ لا مكان آخر، فالخيام لم تعد تحتمل، وهذا المكان على الأقل يحمينا من الرياح."

وأكملت المسنة حديثها: "الخوف لا يفارقنا، أي صوت تشقق في الجدران يعني احتمال انهيار المبنى فوق رؤوسنا."

وخلال المنخفضات الجوية التي مرت على غزة، مؤخرًا، انهار 15 مبنى بشكل كلي، وأكثر من 70 مبنى بشكل جزئي، ما أدى إلى ارتقاء 17 شهيدًا بينهم 4 أطفال نتيجة البرد القارس، و13 آخرين راحوا ضحية الانهيارات المفاجئة في المباني الآيلة للسقوط، وفق ما أفاد المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني بغزة، الرائد محمود بصل.

وعدَّ بصل في تصريح لـ"فلسطين أون لاين"، أن آلاف المباني السكنية المدمرة جزئيًا في قطاع غزة آيلة للسقوط، وتؤوي غالبيتها نازحين لجؤوا إليها بعدما دمر جيش الاحتلال منازلهم، فيما تهدد المنخفضات الجوية المتتالية وما يرافقها من رياح شديدة وأمطار غزيرة، حياتهم بعدما تسببت بانهيار مبانٍ فوق رؤوس ساكنيها.

والسبب الأساسي وراء ذلك -وفق بصل- الكميات الكبيرة من القنابل والذخائر العسكرية التي ألقاها جيش الاحتلال على غزة خلال الحرب، وتقدر بمئات آلاف الأطنان، والتي ألحقت أضرارًا في جميع المباني، إلا أن المباني التي أصابها القصف والتدمير المباشر هي الأكثر عرضة للانهيار.

وتشير تقديرات محلية إلى أن آلاف الأسر النازحة تقيم حاليًا داخل مبانٍ متضررة وآيلة للسقوط في غزة، مع استمرار تنكر الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار، وعدم إتاحة الفرصة لإدخال بيوت متنقلة بات أصحاب المنازل المدمرة بأمس الحاجة لها، في وقت يواجهون برودة الشتاء القاسي، وخطر الانهيارات المفاجئة.

اخبار ذات صلة