فلسطين أون لاين

تقرير النازحون في المواصي.. مأساة تتكرر مع كل هطول للأمطار

...
صورة من غرق خيام النازحين في منطقة جنوبي قطاع غزة
غزة/ محمد أبو شحمة:

طيلة الليل لم يَنَم ربّ الأسرة محمد عويضة، وهو يحاول منع مياه الأمطار من الدخول إلى خيمته في منطقة نزوحه في المواصي غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، مع اشتداد الشتاء والمنخفض الجوي.

محاولات عويضة لمنع المياه من الوصول إلى أطفاله فشلت بسبب استمرار هطول الأمطار طوال الليل، واشتداد البرد، خاصة أن خيمته مهترئة وغير قادرة على حمايته وأطفاله.

تسرّبت المياه من كل زاوية، وارتفع منسوبها بسرعة، وبدأت الخيمة تغوص في الطين. حمل عويضة أطفاله، وبينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، على كتفيه، بينما حاولت زوجته جمع ما تبقّى من البطانيات المبتلة.

وقال عويضة لصحيفة "فلسطين" بصوت مبحوح: "لم نعد نحتمل. في كل مرة تسقط الأمطار نغرق ونخرج إلى الشارع. ولا توجد أي مؤسسة تقدم المعونات تصل إلينا أو توفر ما نحتاجه لمواجهة هذه الأجواء".

عويضة، الذي فقد منزله في حي الشيخ ناصر شرق خان يونس، ليس وحده؛ بل هو واحد من مئات آلاف النازحين الذين دمّر جيش الاحتلال منازلهم، واضطروا للجوء إلى خيام مهترئة في مناطق نزوح مؤقتة.

ومع تكرار المنخفضات الجوية على قطاع غزة الساحلي، غرقت الخيام بالمياه، وتحولت الملاجئ إلى برك من الوحل والبرد.

في مناطق خان يونس والمواصي ورفح، تدفقت السيول على المخيمات، وغرقت مئات الخيام بالكامل، فيما اضطرت عشرات العائلات للنزوح مرة أخرى، بحثًا عن أرض أعلى قليلًا أو عن خيمة لم تغمرها المياه بعد.

وفي المواصي أيضًا، يقول النازح أحمد القدرة: "مع كل هطول بسيط للأمطار نغرق، والجميع يشاهد ويعرف ما هو الحل، ولكن لا أحد يتحرك لإنقاذنا والحفاظ على كرامتنا وحياة أطفالنا".

ويضيف القدرة لصحيفة "فلسطين": "منذ أيام والأرصاد الجوية تحذر من منخفض جوي عميق سيضرب القطاع، وذهبتُ إلى أكثر من مؤسسة دولية في مواصي خان يونس وطلبتُ منهم خيمة قوية لحماية أطفالي من الشتاء، لكن كان الرد أنه لا توجد خيام".

ويشير القدرة إلى أن خيمته والآلاف من حوله غمرتها المياه بالكامل، ودخلت المياه إلى ملابسهم وأغطيتهم، ولم يجدوا من ينقذهم أو يوفر لهم خيامًا جديدة أو شوادر تقيهم المنخفض.

المكتب الإعلامي الحكومي أكد أن آلاف الأسر تواجه خطر الغرق والانهيارات في ظل غياب تدخل جاد لتوفير الحماية والإغاثة، محمّلًا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن منع إدخال مواد الإيواء، بما فيها أكثر من 300 ألف خيمة وبيت متنقل.

وأضاف المكتب في بيان له أن "الساعات القادمة ستوثق مشاهد موجعة لعائلات تكافح من أجل البقاء داخل خيام لا تقاوم المطر أو الرياح"، مشددًا على أن ما يجري يعكس فشل المجتمع الدولي في أداء واجبه الإنساني والأخلاقي، وسط صمتٍ "مخزٍ" تجاه معاناة مئات آلاف النازحين.

وأوضح أن هذا الواقع المناخي يضاعف حجم الكارثة الإنسانية الناتجة عن حرب الإبادة الجماعية والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الكاملة عن تعريض النازحين لمخاطر المناخ، من خلال استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المواد الإغاثية ووسائل الإيواء.

وبيّن أن الاحتلال ما يزال يمنع إدخال نحو 300 ألف خيمة وبيت متنقل، ويحرم آلاف الأسر من حقها في السكن الآمن، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، مؤكدًا أن غياب الملاجئ البديلة وعرقلة وصول المساعدات يكرّسان معاناة مضاعفة في ظل البرد القارس والأمطار الغزيرة.

المصدر / فلسطين أون لاين