يخشى شادي أبو شدق، على حياته مع كل دقيقة تمرّ عليه وهو حبيس أسرَّة العلاج في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي شمالي مدينة غزة.
"لو كان معبر رفح مفتوحًا، لما وجدتني هنا"، قال شادي الذي يعمل صحفيًا في إذاعة صوت "الشعب"، وبدا صابرًا على الآلام التي يعاني منها.
يحتاج شادي، وهو من سكان بيت لاهيا في شمالي القطاع، إلى إجراء فحوصات للنخاع الشوكي، لا تتوافر أجهزة طبية لإجرائها في مستشفيات غزة. لكن ثمة معاناة لا يواجهها شادي (30 عامًا) وحده فحسب، بل عدد كبير من المرضى بأمس الحاجة إلى العلاج في الخارج لكن لا يستطيعون مغادرة القطاع المحاصر، عبر حاجز بيت حانون (إيرز) شمالاً، بفعل المنع الأمني الإسرائيلي، أو عبر معبر رفح المغلق.
ومع إعلان السلطات المصرية فتح معبر رفح اليوم ولمدة ثلاثة أيام أمام سكان قطاع غزة، يأمل المرضى في قطاع غزة بأن يكون هذا القرار مقدمة لفتحه بشكل دائم خصوصًا مع تسلم الحكومة لمهامها في غزة.
وما يهم شادي حاليًا الالتزام بما وقعت عليه حركتي "حماس" و"فتح" في القاهرة الشهر الماضي، من اتفاق مصالحة يضمن استئناف الحكومة برئاسة رامي الحمد الله، لممارسة مهامها في غزة، وفتح المعابر بشكل دائم أمام الجميع.
ويسعى شادي للحصول على تصريح للعبور من خلال حاجز (إيرز) الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال، وتتحكم بمن يسمح أو لا يسمح له بالعبور.
وقال: "لطالما استمر إغلاق معبر رفح، فإني قدمت مجددًا للحصول على تصريح عبور إلى مستشفى النجاح في مدينة نابلس".
وكانت سلطات الاحتلال رفضت مرتين منحه تصريح العبور، بحجة المنع الأمني.
ويضيف: "يزداد وضعي سوءًا، فأنا بحاجة ماسة إلى إجراء الفحوصات لأنه يشتبه بإصابتي بمرض (لوكيميا الدم).. أنتظر بشغف الحصول على تصريح للعبور بعد أن رفضوني أمنيًا مرتين في الأشهر الماضية".
علاج مؤقت
ويأتي الزميل الصحفي إلى المستشفى يومًا بعد يوم، لإجراء نقل صفائح دموية بعد أن أصبحت نسبة دمائه 6 من أصل 14، خلال شهر واحد فقط.
ويستدرك: "لو سافرت إلى مصر سيتم علاجي بالشكل المناسب، فهناك مراكز مخصصة للتعامل حالتي".
ويستغرق رد الاحتلال على طلب المريض الغزِّي بالحصول على تصريح عبور من خلال "إيرز"، من 50-70 يومًا، كما يقول شادي.
وهذا ما يقلق الشاب أسامة النجار الذي يرافق والدته سميرة، البالغة من العمر (64 عامًا) والمرفوضة أمنيًا من العبور من خلال عبر (إيرز)، بقرارٍ من سلطات الاحتلال.
وتعاني سميرة من ورم خبيث ينتشر في جسدها، كما يقول نجلها، الذي يرافق والدته في مستشفى الرنتيسي، ويفترش الأرض بجوار سريرها.
ويقول أسامة (27 عامًا) ويعمل حكيمًا: "قدمنا أكثر من مرة طلب للحصول على تصريح، لكن لا جدوى، لقد رفض الاحتلال".
ويستغرب كيف تمنع امرأة مريضة، في العقد السابع من عمرها، من السفر للعلاج بحجة "المنع الأمني".
كما بدا مستغربًا من عدم فتح معبر رفح، قائلاً: "استمرار إغلاقه؛ حجج واهية، وغير مبرر (..) كان يفترض استدعاء العناصر الأمنية وفتح المعبر، والاستفادة من العناصر الموجودة في المعبر، لبدء العمل فيه، وليس الإبقاء عليه مغلقًا".
وطالب رئيس الوزراء رامي الحمد الله بوضع ملف المرضى على سلم أولويات الحكومة، والإحساس بهم، "هناك أطفال ورجال ونساء بحاجة إلى الرعاية الصحية والعلاج في الخارج، وهذا حقهم"، كما قال.
وينتظر المواطنون على أحر من الجمر، ما ستسفر عنه لقاء الفصائل المقرر في العاصمة المصرية القاهرة في 21 نوفمبر الجاري، لمناقشة ملفات رئيسة منها الأمن والمعابر ودمج الموظفين والحريات.
لكنهم لا يأملون استمرار الحصار وإغلاق المعبر أمامهم، والإجراءات العقابية كذلك التي أقرها رئيس السلطة محمود عباس، ولم يتراجع عنها حتى الآن، والتي كان لها تداعيات خطيرة على الأوضاع الإنسانية، كما يقول مراقبون.