لقد لاحظ المراقبون والمحللون العسكريون تجنب قيادة الجيش الإسرائيلي الدخول في مناورة برية حقيقية في عمق الأراضي الفلسطينية أو اللبنانية في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد حرب لبنان الثانية 2006 ،والاكتفاء بالاعتماد على توجيه ضربات جوية، إضافة إلى عمل القوات الخاصة الخاطف والسريع على الأرض .
إن أي حرب واسعة قادمة في الشمال والجنوب تتطلب عملا بريا بالضرورة ،الأمر الذى لم يكن متوفرا لإسرائيل وخاصة بعد الأداء الفاشل لسلاح المدرعات بحرب لبنان 2006 ،حيث تم تدمير خمس دبابات بشكل كامل ومقتل كل من فيها ،في حين نجحت المقاومة اللبنانية أيضا بإعطاب وتعطيل حوالي عشرين دبابة أخرى ،وذلك وفق المصادر الإسرائيلية الرسمية ،وقد تكون الخسائر أكبر من ذلك.
أما في حرب العصف المأكول 2014 فقد اضطرت إسرائيل وتحت ضغط المزايدات الداخلية، للدخول في مناورة برية محدودة ، ندمت عليها بعد ذلك ،فلم تؤت ثمارها المطلوبة ،بل حفرت بالذاكرة الجماعية الإسرائيلية "كفشل الشجاعية" حيث تم إدخال دبابات من النوع المنتشر في الجيش الإسرائيلي ولم تصمد أمام نيران المقاومة، مما أدى إلى أسر الجندي شاؤول آرون ،أما الدبابات القليلة وباهظة الثمن من طراز ميركافا-4m Kوالمزودة "بمعطف الريح" فقد كان أداؤها جيدا ومقبولا.
من أجل تجنب فشل المدرعات وهو الوسيلة الرئيسة للاجتياح البري المحدود أو الواسع ، فقد سخرت إسرائيل موارد وميزانيات ضخمة من أجل تطوير المدرعات ولتحضير جيشها لأي حرب برية محتملة ،والتي لوحظ أنها تبذل جهودا كبيرة لتجنبها، على الرغم من التهديد والتلويح المستمر بها ،مما قد يكون قد مس بقدرة الردع الإسرائيلية ،حيث بدا هذا الخلل واضحا في القدرة العسكرية الإسرائيلية .
لقد كشفت صحيفة يديعوت أحرنوت 17-11-2017،أن جيلا جديدا من الدبابات والمتطورة سيدخل للخدمة في سنة 2020، وهي الدبابة ميركافا-4براك، وهي جيل متطور من ميركافا4m ويصل وزنها 70 طنا ،وتحتوي خمسة أفراد، أربعةٌ منهم مقاتلون، والخامس هو روبوت ، يستطيع التفكير وتشخيص المحيط والمخاطر وإعطاء انذار ،بل واتخاذ قرارات، وذلك بكل هدوء أعصاب وبصوت نسائي هادئ، من أجل التخفيف من ضجيج المعركة .
قد يعيد هذا التطور الجديد لسلاح المدرعات قدراته المفقودة ،ولكنه وبالدرجة الأولى يسهم برفع احتماليات الحرب، ويجعل إمكانيات الاجتياح البري أعلى من ذي قبل ، حيث يسمح للقوات البرية اختراق صفوف المقاتلين على الأرض ،والوصول إلى أماكن تواجدهم واختبائهم بصورة أفضل مما كان عليه الأمر في حرب 2006 و2014 ،وقد تكون العقبة الرئيسة هي إمكانية إنتاج أعداد كافية تغطي ميدان المعركة وذلك بسبب التكاليف المالية الكبيرة.
يمكن القول إن هذا التطور يعد تحديا استراتيجيا جديدا للمقاومة في الشمال والجنوب، لأنه يرفع من القدرات القتالية للعدو ويعطيه مجالا أكبر للتحرك واتخاذ القرار، ولكن وفي المقابل فقد أظهرت التجارب السابقة قدرة المقاومة على التأقلم والاستجابة لمثل هذه التحديات ،حيث حرب الأدمغة وتطوير الأداء لا زالت مستمرة ولا يعتقد أن ميركافا4براك هي نهاية المطاف أو الحل النهائي الذى سيعيد خيار "احتلال الأراضي لسابق عهده .