قائمة الموقع

مدير مستشفى العيون لـ"فلسطين أون لاين": الاحتلال استهدف المستشفى بشكل متعمد لإخراجه من الخدمة

2025-11-26T09:35:00+02:00
مدير مستشفى العيون الحكومي بوزارة الصحة في غزة، د. عبد السلام صباح
فلسطين أون لاين
  •  الاحتلال استهدف مستشفى العيون بشكل متعمد لإخراجه من الخدمة
  • مرضى العيون في غزة يفقدون بصرهم بسبب الحصار وغياب العلاج
  • مستشفيات غزة مدنية بالكامل والاحتلال لم يقدّم دليلاً واحدًا على ادعاءاته بشأن الاستخدام العسكري

أكد مدير مستشفى العيون الحكومي بوزارة الصحة في غزة، د. عبد السلام صباح، أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف المستشفى بشكل مباشر ومتعمد خلال حربه على القطاع، ما أدى إلى إخراجه عن الخدمة كليًا في 10 نوفمبر 2023، وإجبار الطواقم الطبية على النزوح جنوبًا، الأمر الذي تسبب في انهيار شبه كامل لخدمات علاج العيون في غزة.

وأوضح الدكتور صباح، وهو المستشار الأعلى لخدمات العيون في وزارة الصحة، أن مستشفى العيون يُعد المستشفى المركزي الوحيد المتخصص بطب وجراحة العيون في القطاع، ويقدم خدمات الطوارئ والعيادات الخارجية والعمليات الدقيقة والتدخلات البصرية، كما أنه مركز التعليم والتدريب لبرامج البورد الفلسطيني والعربي. لذلك مثّل توقفه عن العمل ضربة قاسية للمرضى وللنظام الصحي بأكمله.

ووصف صباح مشهد الدمار قائلًا إن جيش الاحتلال دمّر أجزاء واسعة من المستشفى، بدءًا من المبنى الإداري الواقع شرق المستشفى، مرورًا بصالات التوسعة المحيطة بعيادات العيون الخارجية، ووصولًا إلى تجريف الساحات وتحطيم الأسوار وتدمير البنية التحتية بما يشمل تمديدات الكهرباء والصرف الصحي ومولدات الطاقة.

ولم يتوقف الأمر عند المباني؛ فقد جرى تدمير الأجهزة التشخيصية الدقيقة، وأجهزة العمليات، وأجهزة التصوير الحديثة، ما أدى إلى توقف الخدمات الطبية بشكل كامل خلال فترة توغل قوات الاحتلال في المدينة، وخاصة في حي النصر حيث يقع المستشفى.

وأشار صباح إلى أن الدمار طال أيضًا معظم مراكز العيون في القطاع، سواء الأهلية أو الخاصة، مثل تدمير مركز كمال عكاشة منذ الأيام الأولى للحرب، وإخراج مستشفى سان جون من الخدمة بعد تدمير أجهزته ومبانيه، إضافة إلى تضرر مستشفى الخدمة العامة الذي كان يقدم جزءًا من الخدمات البصرية. وقال: "كل منظومة علاج العيون في غزة شُلّت بالكامل."

مرضى بلا علاج

وشدد الدكتور صباح على أن الكارثة الأكبر ظهرت بعد نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية من مخازن الوزارة في غزة والشمال، إذ لم يتمكن مئات المرضى من الحصول على العلاج اللازم، وفشلت الطواقم الطبية في إجراء العمليات العاجلة لعدد كبير من المصابين.

وقال: "اضطررنا لتحويل الكثير من الحالات للعلاج خارج غزة، لكن نسبة بسيطة جدًا استطاعت السفر بسبب منع الاحتلال." وأدى هذا المنع، وفق قوله، إلى فقدان الآلاف لبصرهم، وخصوصًا المصابين بأمراض الاعتلالات الشبكية والسكري وارتفاع ضغط العين (الجلوكوما) وهو مرض يؤدي تدريجيًا إلى العمى إذا لم تتم متابعته دوائيًا أو جراحيًا.

وقدّر صباح عدد مرضى الجلوكوما قبل الحرب بأكثر من 4000 مريض، جميعهم مهددون بفقدان البصر بسبب نقص العلاج، فيما دُمّرت كل أجهزة علاج الشبكية خلال التوغلات العسكرية للمستشفى.

إعادة تشغيل جزئية

بعد الهدنة في 19 يناير الماضي، تمكنت الوزارة من ترميم جزء من المستشفى وإعادة تشغيله بحدود دنيا، لكن النقص الهائل في الأجهزة التشخيصية والجراحية جعل قدراته محدودة للغاية، بحسب مدير المستشفى.

وأشار صباح إلى أن أجهزة محورية مثل جهاز التصوير الملوّن لشبكية العين، وجهاز التصوير المقطعي (OCT)، وجهاز قياس المساحة البصرية، وأجهزة الليزر، والمصباح الشقي قد دُمّرت أو سُرقت بالكامل، وهو ما أعاق عودة الخدمة بالشكل المطلوب.

وفي 30 ديسمبر 2024، بدأ المستشفى استقبال المرضى مجددًا، ما تسبب في ضغط شديد نتيجة توافد آلاف المرضى الذين حُرموا من العلاج لأشهر طويلة. لكن هذا التحسن لم يدم طويلًا؛ إذ عادت قوات الاحتلال لتتوغل في المدينة وجوار المستشفى في 21 سبتمبر الماضي، لتُخرج المستشفى عن الخدمة للمرة الثانية.

ووصف صباح هذه المرحلة قائلًا: "خلال الاقتحام الثاني قام الجنود بحرق مولدات الكهرباء، وتدمير بئر المياه، وتخريب أجهزة التكييف المركزية لغرف العمليات، وإطلاق النار داخل عدة أقسام، وتحطيم ما تبقى من البنية التحتية."

وقبيل انسحاب القوات، تمكنت الطواقم من نقل ما تبقى من الأجهزة القابلة للإنقاذ إلى وسط القطاع.

عودة محدودة وتهديد بالإغلاق

بعد وقف إطلاق النار في 13 أكتوبر الماضي، عادت الطواقم الطبية إلى المستشفى بصعوبة كبيرة. ويؤكد صباح: "نستطيع تقديم الخدمات الأساسية والطارئة وبعض العمليات المجدولة، لكن بكميات محدودة جدًا بسبب نقص المستلزمات."

وحذر قائلًا: "إن لم يتم تزويد المستشفى بالأدوية والمستهلكات الطبية بشكل عاجل، فسيتوقف المستشفى عن العمل خلال شهرين باستثناء الطوارئ."

وأشار إلى أن قوائم الانتظار ترتفع يوميًا، إذ تجاوز عدد المرضى المسجلين حاليًا 2200 مريض، بينهم 85 مصابون بالمياه البيضاء مهددون بالعمى، فيما يتجاوز عدد المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات عاجلة على مستوى القطاع 5000 مريض.

الاحتلال استهدف العيون

وأكد الدكتور صباح أن الاحتلال تعمد خلال الحرب استهداف المواطنين في أعينهم بشكل مباشر وغير مباشر، مشيرًا إلى تسجيل آلاف الإصابات التي أدت إلى فقدان البصر في عين واحدة أو كلتيهما، نتيجة الجروح أو الأمراض التي لم تُعالج بسبب توقف الخدمات الطبية.

ويقدّر عدد الحالات التي فقدت بصرها كليًا أو جزئيًا بين 4000 إلى 5000 حالة، وهو رقم صادم يعكس حجم الكارثة الصحية.

وشدد صباح على أن كل ما يروّج له الاحتلال بشأن "استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية" هو ادعاء باطل تمامًا، ولم يقدم الاحتلال أي دليل عليه رغم اقتحامه المستشفى أكثر من مرة وعبثه بمحتوياته.

وقال بوضوح: "مستشفى العيون، وكل مستشفيات قطاع غزة، منشآت مدنية مخصصة لعلاج المرضى فقط. ولم يجد الاحتلال فيها سوى أجهزة طبية، وأطباء، ومرضى ينتظرون العلاج."

ويختتم الدكتور صباح حديثه بدعوة إنسانية، مطالبًا جميع المؤسسات المحلية والدولية والإنسانية بالوقوف إلى جانب وزارة الصحة، وتوفير الأجهزة التشخيصية والعلاجية وأجهزة العمليات والأدوية والمستهلكات الطبية بشكل عاجل.

وقال: "القطاع الصحي في غزة يجب أن يُحيَّد عن الحرب؛ فوظيفته إنقاذ حياة الناس، وهذا واجب قانوني وأخلاقي بموجب القوانين الدولية."

اخبار ذات صلة