قال الكاتب والمحلل الإسرائيلي ميخائيل ميلشتاين إن "وحدة الظل" التابعة لـ كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أصبحت خلال الأيام الأخيرة محور اهتمام واسع في الأوساط الأمنية والإعلامية الإسرائيلية، بعدما تبيّن أنها تشكّل إحدى الوحدات الخاصة والنخبوية المسؤولة عن إدارة ملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
وأوضح ميلشتاين، في مقالٍ نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أن أفراد الوحدة يتقنون اللغتين العربية والإنجليزية، ما أتاح لهم التعامل المباشر مع الأسرى الإسرائيليين والتواصل معهم بمهارة خلال فترة احتجازهم، لافتاً إلى أن ذلك يعكس مستوى تدريب عالٍ وكفاءة فريدة داخل صفوف القسام.
وأضاف الكاتب أن قوات الاحتلال فشلت في العثور على أي آثار مادية أو أدلة تشير إلى أعضاء هذه الوحدة أو المواقع التي تنشط فيها، رغم عمليات البحث المكثفة في غزة، وهو ما يُبرز "قدرتهم الاستثنائية على الإخفاء والانضباط الأمني الصارم".
وأشار ميلشتاين إلى أن "وحدة الظل" نجحت في ترسيخ صورة شبه أسطورية داخل المجتمع الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، باعتبارها "رمزاً لقدرة القسام على حماية ملف الأسرى وإدارته بسرية مطلقة"، وهو تحدٍ استخباري معقّد يواجه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية منذ سنوات.
ماذا نعرف عن وحدة الظل التابعة لكتائب القسام؟
تحاط "وحدة الظل" بكثير من التكتم، حيث تحافظ على سريتها كتائب الشهيد عز الدين القسام (الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس") لحساسية المهمة التي تأسست من أجلها، وهي "تأمين الأسرى الإسرائيليين" في غزة وإبقاؤهم في "دائرة المجهول"، لضمان عمليات تبادل أسرى ناجحة مع دولة الاحتلال.
كانت توكل مهمة الإشراف على الوحدة إلى القائد العام لكتائب القسام الشهيد محمد الضيف، وقد كشف النقاب عن وجودها لأول مرة بعد مرور 10 أعوام على تأسيسها في عام 2016، بعد تولي مهمة تأمين الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط التي انتهت بصفقة تبادل أسرى ناجحة.
أبرز المحطات
تمكنت الوحدة من إخفاء الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عن أعين الموساد وعملائه لنحو 5 أعوام، حتى أجبرت المقاومة دولة الاحتلال على الرضوخ لمطالبها بإنجاز صفقة تبادل "وفاء الأحرار" المعروفة شعبيا بـ"صفقة شاليط"، وتحرر على إثرها 1050 أسيرا وأسيرة من سجون الاحتلال.
ثم أوكلت لها مهمة احتجاز 4 أسرى إسرائيليين منذ عام 2014، بينهما جنديان أسرتهما كتائب القسام خلال الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة عام 2014، وتسميها المقاومة "معركة العصف المأكول"، إضافة إلى اثنين آخرين دخلا غزة في ظروف غامضة ووقعا في "قبضة القسام".
ويحتل ملف الأسرى في سجون الاحتلال مكانة خاصة لدى كتائب القسام التي تعتبر تحريرهم "أولوية" بالنسبة لها، وتقول إن وحدة الظل "تأسست في الأصل لاعتبارات عملياتية في إطار مهمة كسر قيود الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو"، وتؤكد أن عملها لن ينتهي إلا بعد "تبييض سجون الاحتلال من الأسرى".
يقوم مبدأ معاملة الأسرى في هذه الوحدة -كما أعلنت "كتائب القسام"- على "معاملة أسرى العدو بكرامة واحترام وفق أحكام الإسلام، وتوفير الرعاية التامة لهم، المادية والمعنوية، مع الأخذ بعين الاعتبار معاملة العدو للأسرى المجاهدين".
بعد معركة "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان لهذه الوحدة دور في حراسة وتأمين ما بين 200 إلى 250 أسيرا إسرائيليا والعناية بهم، حتى لحظة الإفراج عنهم، ضمن اتفاق المقاومة مع الاحتلال لوقف الحرب على غزة.
وقالت يوخباد ليفشيتس، الأسيرة الإسرائيلية المفرج عنها لأسباب إنسانية بعد 15 يوما من أسرها، إنها لقيت والأسرى الآخرين معاملة جيدة، وكان هناك ممرض يعالج المصابين، وطبيب يأتي كل يومين لفحص الأسرى.
وأضافت أنه كانت هناك نساء يعتنين بالأسيرات لأنهن أعرف بحاجاتهن، وأن كتائب القسام اهتمت جيدا بالنظافة وبصحة الأسرى.
تقول المقاومة إن آلية اختيار أعضاء وحدة الظل ومواصفاتهم تتم بعناية فائقة من كافة الألوية والتشكيلات القتالية لكتائب القسام وفق معايير دقيقة وصفتها بـ"ميزان من ذهب"، حيث يتم إخضاعهم لاختبارات عدة مباشرة وغير مباشرة، ويخضعون لتدريبات خاصة لرفع قدراتهم الأمنية والعسكرية.

