فلسطين أون لاين

تقرير منع الصليب الأحمر وتهديدات بالإعدام.. الاحتلال يصعّد حربه ضد الأسرى

...
منع الصليب الأحمر وتهديدات بالإعدام.. الاحتلال يصعّد حربه ضد الأسرى
غزة/ نور الدين صالح:

في خطوة تصعيدية خطيرة في حرب الاحتلال الإسرائيلي ضد الحركة الأسيرة الفلسطينية، أصدر وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس قراراً بمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة ا لأسرى الفلسطينيين، بينما واصل وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير إطلاق تهديدات علنية بإعدام الأسرى، ما يعكس توجهاً رسمياً نحو سياسة انتقامية تتنافى مع أبسط القوانين الإنسانية والدولية.

قرار كاتس وتهديدات بن غفير يعكسان تحولاً خطيراً في نهج الاحتلال تجاه الأسرى الفلسطينيين، من إدارة أمنية إلى سياسة انتقامية علنية، تمارس القهر والتجويع والعزل، وتغلق الأبواب أمام الرقابة الدولية.

وكان بن غفير نشر مقطع فيديو جديداً يظهره واقفاً أمام صف من الأسرى الفلسطينيين الممدين على الأرض وملفوعي الأيدي خلف ظهورهم وهو يشير إليهم ويفتخر بتعيبهم ويدعو صراحة إلى اعدامهم. وجاء ذلك بعد يوم من توقيع كاتس أمراً يمنع ممثلي الصليب الأحمر من زيارة مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

مدير مركز الدفاع عن الحريات لحقوق الإنسان حلمي الأعرج، عبّر عن قلقه وإدانته لهذا القرار، واعتبره "استهدافاً ممنهجاً ذا طابع شمولي من سلطات الاحتلال وأجهزتها الأمنية للحركة الأسيرة على امتداد عامين، حتى بعد التوصل لوقف إطلاق النار".

وأوضح الأعرج لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يسعى إلى "الاستمرار في التنكيل بالأسرى وتعذيبهم وتجويعهم وعزلهم عن العالم الخارجي للاستفراد بهم، في سياق محاولة تمرير قانون الإعدام بحقهم"، مشيراً إلى أن ما يجري داخل السجون يمثل سياسة موت بطيء تتعارض مع أحكام اتفاقية جنيف الرابعة التي تضمن الحماية للمدنيين، بمن فيهم الأسرى.

وأضاف الأعرج أنه رغم إطلاق سراح الاسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة الذين كانت تتخذهم ذريعة للامعان في الأسرى الفلسطينيين، إلا أن سلطات الاحتلال أصدرت قراراً يستهدف منع الصليب الأحمر من أداء دوره الإنساني المتفق عليه بموجب اتفاقيات دولية". ودعا إلى "توفير حماية دولية عاجلة للحركة الأسيرة، وتحميل (إسرائيل) المسؤولية الكاملة عن حياتهم، والضغط عليها للسماح للصليب الأحمر بزيارة الأسرى ومتابعة أوضاعهم".

وأشار إلى أن الأسرى يتعرضون منذ عامين لأبشع أشكال التنكيل، من الضرب الوحشي والإعدام الميداني إلى الجرائم الطبية والعزل التام عن العالم، لافتاً إلى أن هذه السياسة أدت إلى استشهاد نحو 80 أسيراً منذ السابع من أكتوبر 2023

من جانبها، وصفت الناشطة في شؤون الأسرى أمينة الطويل قرار كاتس بأنه "استمرار في النهج العدواني ضد الأسرى الفلسطينيين ومحاولة لإخفاء الجرائم التي ترتكب داخل السجون، معتبرة أن الاحتلال يخشى من زيارة المؤسسات الدولية لأنها تكشف حقيقة ما يجري خلف الجدران.

وقالت الطويل لـ "فلسطين"، إن زيارة بن غفير المتكررة للسجون تُشكّل إمعاناً في إذلال الأسرى وتغطية على الجرائم الممنهجة بحقهم، مشيرة إلى أن الوزير المتطرف يقود وحدات القمع بنفسه، ويطلب من عناصرها تعذيب الأسرى أمام عينيه، في مشاهد تُوثّقها الكاميرات الإسرائيلية نفسها، وكأنهم يتفاخرون بانتهاك القانون الإنساني.

وحذرت الطويل من أن "هناك نية مبيتة لإعدام المزيد من الأسرى داخل السجون دون السماح لأي جهة دولية برؤية ما يجري، مشددة على أن استمرار منع الصليب الأحمر يهدف إلى إخفاء الجرائم وإسكات الشهود.

وأكدت أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مباشرة عن هذا الصمت، وأن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل، فحياة مئات الأسرى في خطر حقيقي.

خلفية سياسية وانتخابية

يرى الأعرج أن قرارات كاتس وبن غفير ليست مجرد إجراءات أمنية، بل تأتي في سياق سباق انتخابي داخل الائتلاف الإسرائيلي الفاشي، حيث "يتسابق المتطرفون في الحكومة لإظهار من هو الأشد قسوة على الفلسطينيين، في محاولة لحشد التأييد الداخلي".

وأضاف أن هذه السياسة "تحمل طابعاً انتقامياً واضحاً، وتوجّه رسائل للمجتمع الإسرائيلي بأن الحكومة الحالية تفعل ما لم يفعله أحد من قبل ضد الشعب الفلسطيني وأسراه".

وأكد أن ما يجري في السجون "يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد يفضي إلى إبادة جماعية بفعل سياسة التجويع التي أفقدت العديد من الأسرى أكثر من 40 كيلوغراماً من أوزانهم"، داعياً إلى "كسر هذا الغيتو الذي فرضه الاحتلال على الأسرى، واستئناف زيارات الأهالي والمؤسسات الحقوقية دون قيود".

ودعا الأعرج إلى تحرك دولي فوري من الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، تطبيقاً للمادة الأولى التي تُلزم هذه الدول بالضغط لضمان احترام الاتفاقيات. كما شدد على ضرورة أن "تتحمل المؤسسات الدولية مسؤوليتها القانونية والأخلاقية، وأن تُرغم الاحتلال على وقف الانتهاكات والسماح بالزيارات الإنسانية".

في السياق ذاته، أكدت الطويل أن "السكوت الدولي على ما يجري لم يعد مقبولاً"، مشيرة إلى أن تحرك المؤسسات الحقوقية يمكن أن يخفف من معاناة الأسرى ويحسن ظروف اعتقالهم، بل ويفتح الباب للإفراج عن عدد منهم، خصوصاً النساء والأطفال ومن لا تهم ضدهم.

ويعيش الأسرى أوضاعاً حسبما وصفها محررون ومنظمات حقوقية بأنها "الأسوأ في تاريخ الاعتقال الإسرائيلي".

وفي ظل الصمت العالمي، تبقى حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال معلقة بين سياسة الإعدام البطيء ومجتمع دولي لم يزل عاجزاً عن فرض التزام (إسرائيل) بالقانون الإنساني الدولي.

المصدر / فلسطين أون لاين