قائمة الموقع

بعد اتفاق وقف الحرب.. معطيات أممية ودولية "صادمة" حول الكارثة في غزة

2025-10-25T19:17:00+03:00
الكارثة الإنسانية في غزة تتفاقم في ظل التعنت الإسرائيلي لإدخال مستلزمات إنقاذ الحياة
فلسطين أون لاين

مع دخول اتفاق وقف الحرب الإسرائيلية على غزة أسبوعه الثالث، لا يشعر الناجون من الإبادة الجماعية بتغير أو تحسن ملحوظ في المجالات الإنسانية أو الصحية أو الإغاثية عدا عن أطنان الركام والدمار الذي خلفته آلة العدوان الإسرائيلية.

وبموجب الاتفاق الذي وقع في مدينة شرم الشيخ المصرية، في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، برعاية الوسطاء: مصر، قطر، تركيا وإشراف الإدارة الأمريكية، يسمح جيش الاحتلال لـ600 شاحنة مساعدات متنوعة (وفق البروتوكول الإنساني لاتفاق يناير 2025) بالدخول إلى مختلف المؤسسات الأممية والدولية والإغاثية العاملة في القطاع.

لكن المكتب الإعلامي الحكومي رصد غير ذلك، وأحصى دخول 986 شاحنة مساعدات إنسانية فقط (خلال 10 أيام) من أصل 6,600 شاحنة يفترض دخولها، وفقا للاتفاق الذي أنهى عامين حرب الإبادة الإسرائيلية والحصار والتجويع.

"إنقاذ الأرواح .. ومكافحة المجاعة"

ووصف برنامج الأغذية العالمي استمرار وقف إطلاق النار في غزة بـ"الأمر الحيوي" لضمان إيصال المساعدات الإنسانية وإنقاذ الأرواح.

وأوضحت المتحدثة باسم البرنامج التابع للأمم المتحدة عبير عطيفة، أن استمرار وقف إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لإنقاذ الأرواح ومكافحة المجاعة، مشددة على أن احترام الهدنة بشكل كامل وطويل الأمد "سيسمح للبرنامج بالاستجابة بالقدر المطلوب ودعم عمليات التوزيع الميدانية بفعالية".

ورغم التقدم في توسيع نطاق التوزيع، ذكرت عطيفة، خلال تصريحات صحفية، أن هذا العدد لا يزال بعيدا عن الهدف المتمثل في 145 نقطة توزيع في مختلف أنحاء القطاع، وأشارت إلى أن المساعدات تصل حاليا عبر معبري "كيسوفيم" و"كرم أبو سالم" لكن إيصالها إلى شمال غزة لا يزال صعبا للغاية.

ودعت إلى فتح "معبر زيكيم" بشكل عاجل لتسهيل وصول الإمدادات إلى المناطق الأشد تضررا، وخاصة أن "الوضع الغذائي في شمال غزة حرج جدا".

وبحسب برنامج الأغذية العالمي فإن قرابة ثلث الأسر في القطاع محرومة من وجبات الطعام لأيام متتالية.

وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بأن 39% من سكان القطاع لا يتناولون الطعام لأيام، كما أن 320 ألف طفل تحت سن الـ5 معرضون لسوء التغذية الحاد، فضلا عن حاجة 290 ألف طفل دون الـ5، و150 ألف حامل ومرضع إلى التغذية والمكملات.

وفي هذا السياق، حذر "صندوق الأمم المتحدة للسكان" من أن سوء تغذية الحوامل والأطفال الرضع في القطاع ينذر بعواقب تمتد لأجيال، مؤكدا أن الأطفال الذين يولدون حاليًا في ظل الظروف الحالية قد يعانون مشكلات صحية طويلة الأمد تتطلب رعاية مستمرة مدى الحياة.

جاء التحذير على لسان ممثل الصندوق أندرو سابرتون، خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر الأمم المتحدة بنيويورك عقب عودته من مهمة ميدانية استمرت خمسة أيام شملت القدس والضفة وغزة، حيث قضى خمس ساعات داخل القطاع، واصفًا حجم الدمار الذي شاهده بأنه "يشبه مشهدًا من فيلم هوليوودي".

وأوضح سابرتون أن واحدًا من كل أربعة أشخاص في غزة يعاني من الجوع، بينهم نحو 11,500 امرأة حامل، مشيرا إلى أن نحو 70% من المواليد الجدد يولدون خدّجًا أو بأوزان منخفضة، مقارنة بنسبة 20% فقط قبل اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

لا مستلزمات غذائية ولا إيواء

في المقابل، تمنع سلطات الاحتلال وكالات الأمم المتحدة ووكالة "أونروا" من إدخال المساعدات المتنوعة لصالح مستودعاتها قبل البدء بتوزيعها على السكان المدنيين.

وأفاد المتحدث باسم "أونروا" عدنان أبو حسنة، بأن سلطات الاحتلال تمنع إدخال نحو 6,000 شاحنة كانت تنتظر على أبواب القطاع تكفي لتأمين المواد الغذائية لسكان القطاع لمدة ستة أشهر إلى جانب مئات الآلاف من الخيام ومستلزمات الإيواء الضرورية مع اقتراب فصل الشتاء.

وأشار أبو حسنة إلى أن ما سمح بدخوله كان عددا محدودا من الشاحنات التي تحمل مواد تجارية، بينما يعتمد 95% من سكان غزة على المساعدات الإنسانية ولا يملكون القدرة على شراء هذه المواد بأنفسهم.

ووفق مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا فإن الأوضاع الإنسانية في غزة لا تزال متدهورة وخطيرة رغم اتفاق وقف الحرب، مؤكدا أن الاحتلال يواصل عرقلة دخول المساعدات الإنسانية ويمنع إدخال المعدات الثقيلة والطواقم المتخصصة لرفع الأنقاض وإنقاذ الضحايا.

وأكد الشوا لصحيفة "فلسطين" أن "التلكؤ الإسرائيلي يعمّق الأزمة والكارثة الإنسانية في غزة".

ونوه إلى أن هناك منعا ممنهجا لدخول الخيام ومستلزمات الإيواء والأدوية في ظل أجواء شتوية قاسية وانهيار تام في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.

وحذر الشوا من خطر تفاقم الكارثة الإنسانية في ظل التعنت الإسرائيلي لإدخال مستلزمات إنقاذ الحياة في غزة، ولا سيما أن الاحتلال دمر أكثر من 80% من البنية الصحية في القطاع، وتسبب في انهيار شبه كامل للمستشفيات التي تعاني من نقص حاد في الأدوية والأجهزة الطبية، ما يُهدد حياة المرضى والجرحى بشكل يومي.

7 مليارات

وبتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن الحاجة لإعادة بناء النظام الصحي في غزة تتطلب ما لا يقل عن سبعة مليارات دولار.

وقال المدير العام للمنظمة "تيدروس أدهانوم غيبرييسوس"، في تصريحات صحفية، إنه لم يعد هناك أي مستشفيات في الخدمة بالكامل في غزة، ووحدها 14 من 36 لا تزال تعمل، ثمة نقص فادح في الأدوية والتجهيزات والطواقم الصحية الأساسية.

وفي هذا المجال، أكد مدير مجمع الشفاء الطبي د. محمد أبو سلمية أنه رغم مرور أسبوعين على اتفاق وقف الحرب على غزة إلا أنه لم يحدث أية اختراق كبير على المستوى الصحي في غزة المدمرة.

وذكر أبو سلمية لـ"فلسطين" أن ما سمح الاحتلال بدخوله لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الهائلة للقطاع الصحي (أدوية ومستلزمات طبية، أسرة، أجهزة ومعدات صحية ومخبرية، أبنية عمرانية، أقسام صحية، أجهزة الأشعة، حضانات الأطفال، أنظمة كهربائية وأنظمة بديلة، مركبات إسعاف) وغيرهما.

وشدد على حاجة أزيد عن 350 ألف مريض مزمن للدواء باستمرار عدا عن حاجة أزيد عن 18 ألف مريض للعلاج في الخارج والسفر عبر معبر رفح البري، إلى جانب حاجة عشرات الآلاف من المرضى المجدولين للعمليات الجراحية.

وذكر أن هناك 42 ألف جريح بحاجة لرعاية صحية ومستدامة، و5 آلاف جريح بتر بحاجة لأدوية وأدوات مساعدة.

ودعا المسؤول الطبي إلى ضرورة الضغط على سلطات الاحتلال من أجل فتح المعابر وإنقاذ المنظومة الصحية في القطاع التي تعرضت لدمار إسرائيلي شامل خلال عامين من الإبادة الجماعية.

ووفق تقديرات الإعلام الحكومي فإن حرب الإبادة خلفت نحو 70 مليون طن من الركام، وقرابة 20 ألف قذيفة وصاروخ غير منفجرة تشكل خطرا دائما على المدنيين.

وتقول الأمم المتحدة إن القطاع يضم أكثر من 20 ألف قطعة ذخيرة غير منفجرة موزعة على مساحة محدودة، بمعدل قياسي عالمي يبلغ 58 قطعة لكل كيلومتر مربع، وهو ما يجعل أي عملية بحث أو إنقاذ محفوفة بالخطر.

ولذلك وصف الإعلام الحكومي تلك المعطيات بـ"غير المسبوقة في التاريخ الحديث".

اخبار ذات صلة