فلسطين أون لاين

الأورومتوسطي: الاحتلال ينفذ سياسة ممنهجة لطمس أدلة الإبادة الجماعية في غزة

...
الأورومتوسطي دعا إلى ربط عمليات الإعمار المستقبلية بآليات حفظ الأدلة الجنائية

أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إسرائيل تواصل، بشكل منظم ومؤسسي، تنفيذ سياسة ممنهجة لطمس الأدلة المادية على جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ارتكبتها في قطاع غزة خلال العامين الماضيين، عبر سلسلة من الإجراءات الميدانية والإدارية تشمل منع دخول الصحافيين الدوليين ولجان التحقيق المستقلة، بهدف إعاقة أي توثيق أو تحقيق جنائي يثبت مسؤوليتها القانونية.

وقال المرصد، في بيان اليوم السبت، إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية منح الحكومة مهلة إضافية قبل السماح بدخول الصحافيين المستقلين إلى غزة، يعكس تواطؤًا مؤسساتيًا داخل منظومة الدولة الإسرائيلية، إذ يوفّر القضاء غطاءً قانونيًا للسياسات الحكومية التي تسعى إلى منع الشفافية وطمس الأدلة الميدانية.

وأوضح أن منع الصحافيين والمحققين الدوليين يشكّل جزءًا من سياسة متكاملة تتبناها سلطات الاحتلال عبر أذرعها التنفيذية والأمنية والقضائية، لإبقاء الجرائم خارج نطاق الرقابة الدولية، وعرقلة أي مساءلة مستقلة عن الانتهاكات الجسيمة في القطاع.

وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تفرض عزلة إعلامية كاملة منذ بدء العدوان، عبر منع دخول وسائل الإعلام المستقلة والاكتفاء بجولات ميدانية محدودة تحت إشراف جيش الاحتلال، ما يجعل المشاهد الواردة من غزة خاضعة للرقابة العسكرية ومجردة من التغطية الحرة.

وأضاف المرصد أن قتل 254 صحافيًا فلسطينيًا ومنع دخول الإعلاميين الأجانب يجسّد سياسة الاحتلال تهدف إلى احتكار السردية وإخفاء الحقيقة، عبر السيطرة على المشهد الإعلامي ومنع الضحايا من نقل روايتهم إلى العالم.

وأشار إلى أن سلطات الاحتلال ما تزال تمنع دخول لجان التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة وفريق المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى فرق الطب الشرعي وخبراء الأدلة الجنائية، مما يقوّض التحقيقات الدولية ويؤدي إلى إتلاف الأدلة قبل فحصها، بما في ذلك الرفات البشرية وبقايا الذخائر التي تثبت وقوع جرائم القتل الجماعي.

كما تمنع سلطات الاحتلال إدخال المعدات اللازمة لعمليات استخراج الجثامين وفحص الحمض النووي، ما أدى إلى بقاء مئات الجثامين مجهولة الهوية وحرمان عائلاتها من وداعها ودفنها بكرامة.

وأوضح المرصد أن من بين 195 جثمانًا سلّمها الاحتلال مؤخرًا ظهرت علامات واضحة على التعذيب والإعدام الميداني، وهو ما يعكس انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني، خاصة المادة (130) من اتفاقية جنيف الثالثة التي تلزم باحترام جثامين الموتى وإعادتها إلى ذويهم.

وأشار البيان إلى أن قوات الاحتلال أزالت الطبقات السطحية للأرض في مناطق مدمرة بالكامل ونقلت الركام إلى مواقع مجهولة، ما يؤدي إلى محو الأدلة المادية والبيولوجية على الجرائم، بالتزامن مع إعادة تشكيل الجغرافيا في نحو 50% من مساحة القطاع عبر عمليات القصف والتجريف وبناء مواقع عسكرية جديدة.

هندسة إخفاء الجريمة

واعتبر المرصد أن هذه الإجراءات تشكّل هندسة ميدانية متعمدة لإخفاء معالم الجريمة وتحويل نصف القطاع إلى منطقة محظورة تمنع دخول الإعلاميين والباحثين وفرق الإغاثة.

وشدّد الأورومتوسطي على أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وللقرارات القضائية الدولية التي تلزم إسرائيل بالحفاظ على الأدلة ومنع تدميرها.

وطالب المرصد المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة بـضمان دخول فوري للصحافيين الدوليين وفرق التحقيق والطب الشرعي إلى غزة، وتأمين مسارح الجرائم وجمع الأدلة الميدانية قبل ضياعها.

كما دعا إلى ربط عمليات الإعمار المستقبلية بآليات حفظ الأدلة الجنائية، حتى لا تتحول إزالة الركام إلى وسيلة لطمس الحقيقة.

وختم المرصد بالتأكيد على أن منع العدالة وإخفاء الحقيقة ليسا مجرد انتهاك إضافي، بل امتداد لجريمة الإبادة ذاتها، مطالبًا المحكمة الجنائية الدولية بتوسيع نطاق تحقيقها ليشمل جرائم الإبادة وطمس الأدلة الجارية في غزة، وإنشاء مكتب ميداني خاص بفلسطين لتنسيق التحقيقات وتوثيق الجرائم.

وأكد أن أي تأخير في هذا التدخل سيمنح إسرائيل مزيدًا من الوقت لمحو الأدلة وتدمير الذاكرة الجماعية للضحايا، محذرًا من أن إنقاذ الحقيقة في غزة لم يعد خيارًا أخلاقيًا، بل التزامًا قانونيًا وإنسانيًا لا يحتمل التأجيل.

المصدر / فلسطين أون لاين