فلسطين أون لاين

​ذوو طلبة تركيا العالقين.. لكل معاناة حكاية ومطلب

...
وقفة احتجاجية على استمرار إغلاق معبر رفح في غزة أول أمس (تصوير/ ياسر فتحي)
غزة - يحيى اليعقوبي

"بدنا نروح على المدرسة ولا نروح على بابا" .. ما من صباح جديد في عائلة الأسطل إلا ويكرر فيه خمسة من أطفالها هذه الكلمات على مسامع والدتهم منذ غادر والدهم قطاع غزة إلى تركيا قبل سبعة أشهر، من أجل الدراسة.

وما أن يرجع الأطفال من مدارسهم حتى يعاودوا طرح أسئلة جديدة، عن سبب إغلاق معبر رفح؟ ومن يغلقه؟ ومتى سيعاد فتحه؟ وماذا لو طال عمر إغلاقه؟! فمعظمهم لا يدرك أننا جميعاً ضحايا قضية سياسية، تقول والدتهم نهور الهدى.

وتشير الأم، إلى أن تأشيرة سفرهم "الفيزا" انتهت منذ مدة، ومضطرون لدفع ألفي دولار أخرى من أجل تجديدها.

ويبلغ إجمالي عدد الطلبة الحاصلين على المنح في غزة، لهذا العام، 126 شخصاً، تمكّن 30 منهم من السفر، فيما بقي 96 طالباً وطالبة عالقين، بسبب إغلاق معبر رفح.

وحال ألفت الدلو لا يختلف كثيراً فهي الأخرى، فمنذ عام سافر زوجها لنيل درجة الدكتوراه وما أن حصل على الإقامة حتى أرسل لها ولطفليها من أجل قضاء مدة الدراسة الطويلة معاً، فنحن نتحدث عن خمسة أعوام، كما تقول.

وتضيف خلال مشاركتها في وقفة احتجاجية أمام مقر هيئة الشؤون المدنية في قطاع غزة أول من أمس، "أبنائي يريدون رؤية والدهم، ولم نر أي بادرة خير منذ توقيع اتفاق المصالحة (..) تعبنا من وعود تشغيل المعبر بعد أن كانت آخر فتحة رسمية له في 3 يونيو/ حزيران الماضي".

وتشير إلى أنها اضطرت لتجديد التأشيرات مرة ثانية وقد شارفت هي الأخرى على الانتهاء، متسائلة إن كانت ستحظى بمغادرة القطاع قبل أن تدخل معترك تجديد التأشيرات للمرة الثالثة!!

وتخشى الدلو، من أن تحول اشتراطات السلطة بتشغيل المعبر على أساس اتفاقية المعابر الموقعة عام 2005 دون عمله بشكل دائم منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.

وتقول "كلنا أمل بأن يعاد تشغيل المعبر دون أي اشتراطات، فقد تعبنا من الانتظار والوعود المتكررة (...) سجلنا في كشوفات الحالات الإنسانية المدرجة لدى وزارة الداخلية كأولوية، إلا أنني وغيري ما زلنا نعاني الأمرين".

وتفصح عن تفاصيل معاناتها بحرقة: "أعيش عند عائلتي، ولم أقم بتسجيل أبنائي برياض الأطفال، وعلى الجانب الآخر لابد من النظر إلى معاناة العالقين بالطرف المصري الذين نفدت أموالهم وليس لديهم أماكن للإقامة".

ويعد معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان القطاع، وليس بمقدور مليوني إنسان في غزة مغادرتها إلا من خلاله. وتغلقه السلطات المصرية المعبر بشكل شبه كامل منذ تموز/ يوليو 2013 لدواع تصفها بـ"الأمنية"، وتفتحه على فترات متباعدة لسفر "الحالات الإنسانية".

فاطمة ووالدها

وتجهل الطفلة فاطمة البنا (4 أعوام) شكل والدها، الذي غادرهم لإكمال الدراسات العليا في تركيا عام 2015، حين كان عمرها عام ونصف.

وتقول أمها "منى" إن الأيام مرت بتفاصيلها ومعاناتها، حيث حملت همين الأول محاولات السفر المتكررة منذ عامين ونصف، والثاني هي تلبية متطلبات واحتياجات الأسرة.

"الحداد، والنجار، والسباك ..الخ، كلها مهن لم تعتد عليها البنا كما تقول لصحيفة "فلسطين"، لكن الظروف أجبرتها على التعامل مع كل عطل بالمنزل نظرا لغياب زوجها.

ومضت إلى القول عن بداية معاناتها مع السفر: "منذ خروج زوجي، حصلنا على وعود من الخارجية التركية بإخراجنا كمرافقين لزوجي، ولكن سحبت أسماؤنا فيما بعد، نظرا لتقديم الطلبة كأولية، وأدرجنا على بند الحالات الإنسانية لدى كشوفات وزارة الداخلية بغزة".

الغياب والفرقة لا يعوضها لقاءات العائلة مع الأب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينتظر الطرفين أخبارا مبشرة مع قادم الأيام بفتح معبر رفح.

ولدى سؤالها عن توقعاتها بإمكانية فتح المعبر في 15 نوفمبر الجاري؟ أجابت بتخوف: "نأمل ذلك، لكن القضايا السياسية تبدو متشابكة (...) ويجب أن يتم تجريد معبر رفح من القضايا الإنسانية".

وتستضيف تركيا في كل عام مئات الطلبة الدوليين، ووفقاً لتقارير هيئة التعليم العالي التركية، فإن عدد طلاب الأجانب الموجودين بلغ 72 ألفًا و178 طالب وطالبة، منهم 675 طالب فلسطيني وتقدر عدد الطالبات بينهم بنحو 64 طالبة.