تواجه المالية العامة في بريطانيا ضغوطاً غير مسبوقة بعدما أظهرت البيانات الرسمية أن الدين الحكومي ارتفع إلى ما يعادل 96.4% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية أغسطس/آب 2025، وهو من أعلى المستويات منذ ستينيات القرن الماضي.
وكشفت أرقام هيئة الإحصاءات الوطنية أن الحكومة اقترضت 18 مليار جنيه إسترليني (22.5 مليار دولار) في شهر واحد فقط، ليرتفع إجمالي الاقتراض خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية إلى 83.8 مليار جنيه إسترليني (104.7 مليار دولار). ويزيد هذا الرقم بنحو 16.2 مليار جنيه عن الفترة نفسها من العام الماضي، متجاوزاً أيضاً التقديرات الرسمية الصادرة في مارس عن مكتب مسؤولية الميزانية.
اتساع الإيرادات الضريبية
ويأتي هذا التفاقم نتيجة اتساع الفجوة بين الإيرادات الضريبية والإنفاق العام، حيث لم تكن الزيادة في حصيلة الضرائب والتأمين الوطني كافية لتغطية ارتفاع النفقات على الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية وفوائد الدين.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا الوضع يضع وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، أمام خيارات مالية صعبة مع اقتراب موعد إعلان الميزانية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ويؤكد بول ديلز، كبير الاقتصاديين في شركة "كابيتال إيكونوميكس"، أن الأرقام "تعكس التدهور المستمر في المالية العامة"، مرجحاً أن تلجأ الحكومة إلى زيادات ضريبية لسد الفجوة.
كما توقع خبراء آخرون، بينهم اقتصاديون في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس"، أن تضطر الوزارة إلى جمع ما بين 20 و30 مليار جنيه إسترليني إضافية، عبر رفع الضرائب بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى جانب بعض التخفيضات المحدودة في الإنفاق.
وتضع هذه التطورات اختباراً حقيقياً أمام القواعد المالية التي أعلنتها ريفز، والتي تقضي بعدم تمويل الإنفاق الجاري عبر الاقتراض بحلول نهاية الدورة البرلمانية الحالية، وخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
ومع ترقب الأسواق والمواطنين لما ستحمله الميزانية المرتقبة، تتصاعد المخاوف من أن تؤدي الإجراءات المقبلة إلى فرض ضرائب إضافية قد يشعر بها البريطانيون بصورة مباشرة في حياتهم اليومية.

