فلسطين أون لاين

من الغاز إلى العقارات.. أطماع أميركية–إسرائيلية ترسم مستقبل غزة بالقوة

...
من الغاز إلى العقارات.. أطماع أميركية–إسرائيلية ترسم مستقبل غزة بالقوة
غزة/ رامي رمانة

تتزايد المؤشرات على وجود مخطط اقتصادي أميركي–إسرائيلي يسعى لإعادة تشكيل مستقبل قطاع غزة بعد الحرب الجارية، ليس فقط عبر السيطرة الميدانية، بل أيضاً من خلال مشاريع استثمارية واسعة تُحوِّل القطاع إلى ورقة تجارية وعقارية مربحة، في ظل تجاهل كامل لحقوق سكانه الأصليين.

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وصف مؤخراً غزة بأنها "فرصة عقارية". ورغم ما أثاره التصريح من انتقادات واسعة، إلا أنه يعكس بوضوح التوجه الإسرائيلي للتعامل مع القطاع كعقار ثمين أكثر منه موطناً لمليوني إنسان.

وفي واشنطن برز مقترح إعلامي أُطلق عليه اسم «Gaza Riviera»، يتحدث عن إدارة أميركية مؤقتة للقطاع، تشمل تحويله إلى مركز سياحي وتقني، وتنفيذ مشاريع بمليارات الدولارات، إضافة إلى خطط لنقل السكان أو تعويضهم.

الطموحات لا تقف عند حدود الأرض والعقارات، إذ يُعَد حقل غزة مارين البحري أحد أبرز الدوافع الاقتصادية. تقارير دولية قدّرت أن تطوير الحقل قد يدر مليارات الدولارات على المدى الطويل، سواء عبر تزويد السوق المحلي أو من خلال تصدير الغاز المسال إلى أوروبا الباحثة عن بدائل للغاز الروسي.

كما أن الموقع الساحلي للقطاع يجعله في صلب الأطماع الاقتصادية، حيث يمكن تحويله إلى موانئ صغيرة ومراكز لوجستية وصناعات خفيفة، إضافة إلى تطوير قطاع الصيد والخدمات. بعض الخبراء يرون أن الاحتلال ينظر إلى غزة كبوابة بحرية نحو الشرق الأوسط، يمكن أن تخدم التجارة الدولية وتمنحه عمقاً استراتيجياً واقتصادياً جديداً.

الخبير الاقتصادي د. سمير الدقران أوضح أن الدعم الأميركي للاحتلال لا يمكن قراءته فقط من زاوية عسكرية أو سياسية، بل هو جزء من مشروع أشمل يهدف إلى السيطرة الاقتصادية على غزة. وقال لـ "فلسطين أون لاين": "من يظن أن واشنطن تمد الاحتلال بالسلاح من دون مقابل يخطئ القراءة. هناك مصالح اقتصادية كبرى خلف المشهد، والغاز في غزة أحد أهم هذه المصالح."

وأضاف أن التجارب السابقة في المنطقة، مثل ما حدث في ليبيا بعد سقوط القذافي، تعكس كيف يبدأ التدخل عسكرياً، ثم تُفتح شهية القوى الكبرى على الثروات الطبيعية. وقال: "التاريخ يعيد نفسه، وما يجري في غزة لا ينفصل عن هذه القاعدة."

وشدد الدقران على أن أي مشروع يقوم على تهجير السكان أو السيطرة القسرية على الأرض سيفتقر إلى الشرعية، وسيظل محفوفاً بالملاحقة القانونية والرفض الشعبي. وقال: "الأموال في خطر لأن الحقوق لا تموت. أي استثمار يُبنى على دماء وتهجير الناس سيبقى هشاً، مهدداً بالانهيار عند أول تحدٍ قانوني أو سياسي."

وأشار إلى أن المستثمرين الذين قد يُغرَون بالدخول في مشاريع إعادة إعمار أو تطوير تحت إدارة الاحتلال أو الإدارة الأميركية المؤقتة، عليهم أن يدركوا أنهم يخاطرون بأموالهم، لأن البيئة القانونية والسياسية ستبقى ضدهم. وأضاف: "لا يمكن بناء اقتصاد مستقر فوق ركام العدالة."

وأكد أن أي خطط تتضمن تغييراً قسرياً في ملكية الأراضي أو نقلاً جماعياً للسكان ستُواجَه بانتقادات دولية واتهامات بجرائم حرب وتهجير قسري، ما قد يؤدي إلى عقوبات أو تجميد الاستثمارات. وقال: "القانون الدولي واضح: الاستيلاء على الأراضي بالقوة جريمة، والتهجير القسري جريمة، والاستثمار في أرض مسلوبة مشاركة في الجريمة."

وفي ختام حديثه، دعا الدقران المؤسسات الحقوقية إلى توثيق هذه المخططات وكشف خطورتها على حقوق الإنسان، محذراً من أن الصمت الدولي سيمنح الشرعية لسياسات استعمارية جديدة تحت غطاء الإعمار. كما شدد على أن الاقتصاديين والإعلاميين مدعوون إلى فضح البعد المالي لهذه المشاريع، والتأكيد على أنها لن تكون آمنة ولا مستقرة لأنها قائمة على اغتصاب الأرض وحقوق أصحابها.

المصدر / فلسطين أون لاين