قصف قطر حدث غير إعتيادي وتطور خطير للغاية له اثار وتداعيات كارثية على المنطقة العربية برمتها، وعلى عموم العالم الإسلامي، وهي رسالة واضحة من قيادة العدو أن (إسرائيل) هي من يقرر في أمن المنطقة وهي من تمتلك مفاتيح الاستقرار أو التصعيد، وأنه لا أحد في المنطقة أو العالم يمكنه إيقافها أو محاولة منعها عن مهاجمة أي هدف تقرر مهاجمته، وأن من يحاول التضامن مع القضايا العربية والوقوف إلى جانب الفلسطينيين سيدفع الثمن من أمنه وسيادته واستقراره حتى لو تحالف مع الولايات المتحدة كما حدث في قطر.
الأمر ليس مرتبطا بقطر أو بوجود قيادة حماس فهذا العدو مصاب (بجنون العظمة) وقيادته تشعر أنها تملك المنطقة بل تقرر في مصير العالم، لذلك يمكنها التحرك في أي وقت لفرض ما تريده عبر القوة العسكرية، ولا تكترث بالنظام الدولي أو ردود الأفعال أو سيل الانتقادات والمواقف الدبلوماسية سواء كانت إقليمية أو دولية، فعلى الرغم من وزن قطر السياسي والاقتصادي وشراكتها مع الأوروبيين ومكانتها في العالم وتحالفها مع الولايات المتحدة في مجالات عدة بما فيها الجانب العسكري إلا أن ذلك لم يشكل لها "مظلة حماية أو حصانة" أمام العدوان الاسرائيلي، ومخطئ من يظن أن الولايات المتحدة يمكن أن تقدم مصالح العرب والمسلمين على المصالح الاسرائيلية.
"إسرائيل" تدرك تماما بعد ما فعلته في غزة وبالتوزاي مع ذلك ما حدث في لبنان، و سوريا، واليمن، وإيران، أنه لا توجد أمة عربية أو إسلامية موحدة، وأن الأنظمة الحالية ترتجف خوفا ولا تستطيع رفع رأسها، وأن هذه الجيوش التي أصيبت بالتخمة في العالمين العربي والإسلامي أصبحت غير قادرة على خوض أي مواجهة، وأن دورها فقط محصور في (المراسم والعروض) العسكرية للمحافظة على تراث البلاد، وأن جزء كبير من هذه الأمة يتمنى نيل الرضى الاسرائيلي ويمكنه أن يعادي شعبه في سبيل نيل الرضى الاسرائيلي.
لذلك فإن الأمة التي اختارت الخنوع والذل والانبطاح في وجه هذا العدو المجرم وبقت كشاهد الزور أمام جرائم الابادة في غزة عليها أن تستعد "لدفع الثمن" من أمنها واستقرارها، لأن مطامع العدو ليست في غزة خصوصا أو فلسطين عموما، إنما باتجاه المنطقة العربية برمتها، وستسعى لفرض ذلك عبر القوة، وعلى العرب المسلمين تحمل هذه التداعيات، ولن ينفعهم الاستجداء بالادارة الأمريكية أو مخاطبة المجتمع الدولي، فالاحتلال واثق تماما أن سقف ردود الافعال سيكون في مستوى الشجب والاستنكار والادانة، وأنه لن يكون هناك أي موقف جدي لردعه ولجمه عن التمادي في العدوان.
إن هذه الأمة تقف اليوم على منعطف خطير للغاية فإن لم تتحرك وتتخذ خطوات قوية وفعالة في وجه العدو ستكون أمام عدوان جديد يستهدف عواصم عربية وإسلامية أخرى، ولن يحرك العالم ساكن أمام التغول الاسرائيلي، إلا من بعض المواقف المرتبكة والخجولة، فهل ستتحرك الأمة؟! وهل ستستقيظ الأنظمة وتفيق من نومها العميق؟! لا أظن ذلك، ما لم تتحرك الشعوب وتقلب المشهد وتحطم هذه المعادلة.

