فلسطين أون لاين

فيروسات مجهولة تهاجم المرضى وتنذر بكارثة إنسانية في غزة

...
فيروسات مجهولة تهاجم المرضى وتنذر بكارثة إنسانية في غزة
غزة/ محمد عيد

مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية الجماعية على غزة، وتدمير (إسرائيل) غالبية المستشفيات والمراكز الصحية، لم تتمكن مختبرات ومستشفيات ميدانية من تشخيص فيروسات يزداد انتشارها بين المواطنين، وتنذر بكارثة إنسانية عميقة داخل القطاع.

تلك الفيروسات التي تشبه أعراضها على المرضى "الانفلونزا الموسمية" أو "كوفيد 19"، دفعت ببعض المصابين إلى الذهاب للمستشفيات المكتظة بالجرحى والمرضى دون توفر الدواء أو المستلزمات الطبية بفعل سياسات (إسرائيل) العقابية على السكان المدنيين.

دينا أبو زينة (30 عاما) النازحة قسرا من حي الزيتون جنوب مدينة غزة إلى غربها، كانت واحدة من عشرات المرضى الذين توافدوا لقسم الاستقبال في مجمع الشفاء الطبي بعدما اشتكت من أعراض طارئة: ارتفاع درجات الحرارة، ضيق في التنفس.

وبعد انتظار دينا ثلاث ساعات حتى وصل دورها للطبيب المعالج، لم يستطع الأخير تقديم الدواء اللازم لها باستثناء "تبخيرة" علاجية على جهاز التنفس الاصطناعي.

وتقول بحسرة: "هنا في غزة .. نشكو القصف والدمار والجوع والمرض وغياب الدواء".

بحسب مدير مجمع الشفاء الطبي د. محمد أبو سليمة، فإن انتشار الفيروسات الجديدة في غزة بمثابة "أزمة جديدة" تعصف بالمنظومة الصحية التي دمرتها (إسرائيل) طوال عامين من حرب الإبادة.

وأقر في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" بعجز المنظومة الصحية عن تحديد هوية هذه الفيروسات التي تهاجم المواطنين المتكدسين في مخيمات الإيواء والنزوح – وإن كانت الأعراض تشبه فيروس كورونا/ كوفيد 19 – وتصيب المرضى بـ: ارتفاع درجات الحرارة، سعال شديد، ارتفاع ضغط الدم والصداع، سيلان في الأنف.

وأكد أبو سلمية أن انتشار هذه الفيروسات غير معلومة المصدر والهوية تفاقم معاناة المواطنين والمنظومة الصحية على حد سواء، وسط نقص الإمكانيات الطبية والدوائية.

وخلال الأيام الأخيرة، رصدت منظمة الصحة العالمية زيادة في حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة للمرضى في غزة دون تشخيص مسببات الأمراض بدقة نظراً لمحدودية الإمكانيات المختبرية، لكنها رجحت أن تكون هذه الزيادة ناجمة عن الإنفلونزا وكوفيد-19 وفيروسات تنفسية شائعة أخرى.

ووصف حسام الأطرش (35 عاما) الأعراض التي أصابته وزوجته وطفليه بالحرارة الشديدة، الإسهال، ألم في العظام واحتقان وسيلان في الأنف.

وفضّل الأطرش النازح من مدينة رفح إلى "مواصي خان يونس" عدم الذهاب للمستشفيات الميدانية في تلك المنطقة؛ بسبب الاكتظاظ الشديد للمرضى والجرحى في أقسامها عدا عن غياب الأدوية فيها.

لكن بعد أيام، اضطر برفقة زوجته الذهاب بأحد أطفاله (5 أعوام) لمستشفى الكويت الميداني "شفاء فلسطين" بعد تراجع حالته الصحية، وهناك خضع لـ"تبخيرة" علاجية والملاحظة الطبية لعدة ساعات.

وبجهود معقدة، استطاع الأب الحصول على دواء "خافض للحرارة" لطفليه مع توصيات الطبيب ببعض الوصفات الشعبية.

أمراض جلدية وفيروسية

ولاحظ مدير الإغاثة الطبية في غزة محمد أبو عفش، اكتظاظ المراكز الصحية الميدانية بالمرضى الذين يعانون من تلك الأعراض المذكورة سابقا.

ورأي أبو عفش في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" أن تلك الأعراض تشير إلى عدوى فيروسية، تتضمن آلاما في المفاصل وجميع أنحاء الجسم ولا تميز بين الأطفال والنساء وكبار السن.

وأشار إلى تزامن هذه الأمراض مع غيرها التي تنتشر في فصل الصيف كالأمراض الجلدية وأخرى المعوية، الأمر الذي ضاعف أعداد الحالات المرضية لثلاثة أضعاف؛ نتيجة موجات النزوح والتجمعات والاكتظاظ بين النازحين في مخيمات والإيواء.

وأكد أن انتشار هذه الأمراض يعود لانعدام وسائل حياة سليمة وآمنة في غزة بفعل حرب الإبادة الجماعية، منبها إلى أن المؤسسات الصحية في غزة ناشدت منظمة الصحة العالمية والمنظمات الصحية العاملة في غزة من أجل إدخال المستلزمات والفحوصات المطلوبة حتى نتمكن من تشخيص هذه الفيروسات والتعامل معها.

وتحدث تقرير صادر مطلع الشهر الحالي عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) بأن الوكالة والشركاء الصحيين أشاروا إلى زيادة في عدد حالات الأمراض المعدية، بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة.

ووفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الصحة العالمية، لا تزال التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال المائي الحاد أكثر الحالات المبلغ عنها شيوعا، وشكلتا 58 في المئة إلى جانب 41 في المئة على التوالي من جميع الأمراض المبلغ عنها في الفترة بين 3 و9 آب/أغسطس الماضي.

وأكدت الصحة العالمية أن السكان في القطاع أنهكهم الجوع وسوء الأحوال المعيشية، كما أنهكت الغارات الجوية الإسرائيلية ونقص الإمدادات الطبية والغذاء والماء والوقود النظام الصحي الذي يعاني أصلاً من نقص الموارد الصحية والتشغيلية.

المصدر / فلسطين أون لاين