فلسطين أون لاين

عائلة الحصري.. شاهدة وسط الأنقاض على إبادة جماعية مستمرة

...
عائلة الحصري.. شاهدة وسط الأنقاض على إبادة جماعية مستمرة
غزة/ جمال محمد

وسط أنقاض منزل عائلة الحصري، في مخيم الشاطئ شمال غربي مدينة غزة، يقف أفراد العائلة بحزن وألم يحاولون يداً بيد فكّ أمتار الركام الثقيل على أمل انتشال ناجين أو حتى شهداء من تحت الأنقاض.

مشهد متكرر في قطاع غزة الذي يشهد منذ السابع من أكتوبر 2023، موجة غير مسبوقة من القصف الإسرائيلي العشوائي الذي استهدف المدنيين الأبرياء.

ولم تكن هذه المأساة مجرد حادث عرضي، بل جريمة إبادة جماعية متعمدة، إذ لم تكن العائلة التي تضم 25 فردًا بينهم نساء وأطفال، قد تلقت أي إنذار أو تحذير قبل استهداف منزلهم بشكل مباشر ودون تمييز، ما يؤكد النية الإجرامية للاحتلال في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

أصوات تنقطع

فمنذ فجر يوم الاثنين الماضي، قصفت طائرات الاحتلال الحربية منزل عائلة الحصري، لتحول حياة العائلة إلى كابوس مستمر.

ويروى أحمد الحصري، أحد أقارب الضحايا، كيف استيقظوا على انفجار ضخم هز المنطقة وأمطر المنزل بصواريخ مدمرة أودت بحياة عدد من أفراد العائلة.

ويقول الحصري لـ "فلسطين أون لاين" بغضب: "كنا نائمين على بعد أمتار من المنزل، لم نكن نتوقع أن يصيبنا هذا القصف العشوائي، لم نرتكب أي ذنب سوى أننا مدنيون أبرياء".

5913744907019864607.jpg

ويبين أن المنزل كان يضم 25 شخصًا، بينهم أطفال ونساء ورجال، "استهدفنا الاحتلال بلا رحمة".

وحاول "أحمد" وأفراد العائلة إزالة الركام بأيديهم العارية، مستخدمين مطارق حديدية وأدوات بدائية، في ظل غياب أي معدات ثقيلة تساعد في عمليات البحث والإنقاذ.

ويضيف لـ "فلسطين أون لاين": "كنا نستمع إلى أصوات الاستغاثة في البداية، لكن سرعان ما اختفت هذه الأصوات، وكأن الأرض ابتلعتهم جميعًا، وأصبح المنزل كومة من الركام لا يمكن اختراقها بسهولة".

خطر القصف

على الرغم من التحديات، وصلت فرق الدفاع المدني لمساندة الأهالي في عمليات البحث والإنقاذ، وتمكنت بصعوبة من انتشال خمسة أشخاص من تحت الأنقاض، منهم محمد الحصري وزوجته أمل، وخالتي فاطمة الداعور التي نجت بإصابات متوسطة، بالإضافة إلى استرجاع جثتين لطفلين، والقول لأحمد.

ويكمل بغضب: "لكن جهود الدفاع المدني واجهت تهديدًا جديدًا من قوات الاحتلال التي أرسلت طائرات "كوادكابتر" صغيرة إلى موقع الحادث، وبدأت بتصوير المنقذين وأفراد العائلة ثم أطلقت الرصاص عليهم، ما أجبرهم على التراجع والانسحاب خوفًا على حياتهم، تاركين الناجين تحت الأنقاض، رغم نداءات الاستغاثة التي تلاشت مع مرور الوقت.

5913744907019864608.jpg

ويكمل الحصري: وبعد ساعة من التوقف اضطر الأهالي للعودة مجددًا، بمعدات بدائية جدًا، إلى العمل وسط الخطر المستمر، لاستخراج ما يمكن إنقاذه، وسط صعوبة كبيرة بسبب كثافة الركام وغياب الآليات الثقيلة.

دماء المدنيين

هذه المأساة ليست حالة فردية، بل تعكس السياسة الإجرامية التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، بدعم غير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية، في حربه المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 64,600 شهيد، وأكثر من 163,000 جريح منذ بداية الحرب، بينهم آلاف النساء والأطفال الأبرياء الذين استُهدفوا عن عمد.

بينما يقول عبد الله الحصري، بصوت ملؤه الألم والغضب: "ما ذنب عائلتي التي كانت تنام في منزلها، لا تؤذي أحدًا؟، نحن مجرد مدنيين، نساء وأطفال ورجال، وليس لنا أي سلاح أو نشاط عسكري. استهدفنا الاحتلال عمداً دون سابق إنذار، وكأنهم يريدون إبادتنا كليًا".

ويضيف الحصري لـ "فلسطين أون لاين": "أين الإنسانية؟، وأين القانون الدولي؟، لماذا لا يتحرك العالم لإنقاذنا من هذه المذبحة التي تستمر منذ أشهر؟، لماذا لا يوقف المجتمع الدولي هذه الجرائم التي تندرج تحت جريمة إبادة جماعية؟".

بينما تتوالى موجات القصف والإبادة، تتصاعد أصوات الضحايا وعائلاتهم التي فقدت أحباءها، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف هذه المجازر.

ومأساة عائلة الحصري، ما هي إلا نموذج من آلاف القصص التي توثق الاستهداف المتعمد للمدنيين في قطاع غزة، بمنازلهم وأحيائهم، بلا تمييز ولا إنذار.

وتشكل الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، منذ بداية الحرب المدمرة، انتهاكًا صارخًا لكل القوانين الدولية والإنسانية، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية.

وفي ظل الصمت الدولي، تستمر آلة القتل الإسرائيلية في تنفيذ مخطط إبادة جماعية مدروسة، تستهدف تدمير البنية الاجتماعية والنفسية لسكان غزة، وتهجيرهم بالقوة.

المصدر / فلسطين أون لاين