فلسطين أون لاين

مجزرة الأبراج تتجدّد.. تدمير متعمّد بهدف التهجير والغزِّيون مصرون على البقاء

...
مجزرة الأبراج تتجدّد.. تدمير متعمّد بهدف التهجير والغزِّيون مصرون على البقاء
غزة/ أدهم الشريف

منذ أيام، شنّت طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة تدمير واسعة استهدفت الأبراج السكنية المرتفعة في مدينة غزة، مخلّفة دمارًا هائلاً ومآسيَ إنسانية متجدّدة.

بدأت الحملة في أعقاب إعلان وزير الحرب في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، فتح ما أطلق عليه "أبواب الجحيم" ضد غزة، بقصف برج "مشتهى"، أحد أبرز معالم مدينة غزة الواقع في غربها، الذي كان يتألف من قرابة 15 طابقًا، ويحتوي على عشرات الشقق التي تؤوي نازحين.

حول البرج المدمر، كانت تنتشر خيام ومراكز إيواء للنازحين ممن فقدوا منازلهم خلال حرب الإبادة التي بدأها جيش الاحتلال قبل 24 شهرًا. الهجوم الإسرائيلي بسلسلة غارات نفذها الطيران الحربي دمّرها بالكامل، تاركًا مئات العائلات في العراء بلا مأوى أو متاع.

وفي اليوم التالي، قصفت مقاتلات جيش الاحتلال برج "السوسي" المقابل للمقر الإقليمي لوكالة "أونروا" الأممية، جنوبي مدينة غزة، قبل أن تهاجم عمارة "الرؤيا" في حي تل الهوى، وتدمرها بالكامل.

هكذا كان المشهد في اليومين الماضيين في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة غزة، أما في شمالها الشرقي، فالمشهد مأساوي للغاية. عمليات تدمير واسعة للأحياء السكنية ينفذها جيش الاحتلال بعدة وسائل عسكرية أبرزها، ما يعرف بـ"الروبوتات"، وهي عبارة عن مدرعات إسرائيلية قديمة محملة بأطنان من المواد المتفجرة، يتم التحكم بها عن بعد وتسييرها بين الأحياء السكنية وتفجيرها مخلفة دمارًا هائلاً.

يرافق ذلك غارات مستمرة وضربات جوية عنيفة تعرف بـ"الأحزمة النارية" تنفذها مقاتلات جيش الاحتلال، ليلاً ونهارًا.

وبينما برّر الاحتلال قصفه للأبراج وتدمير منازل المواطنين، بزعم وجود "مراكز قيادة" لفصائل المقاومة، وكاميرات متطورة تستخدم في مراقبة قواته، إلا أن السكان يرفضون هذه المزاعم. جميع الشهادات أكدت أن الأبراج كانت مأهولة بعائلات مدنية تبحث عن مأوى آمن تحت وطأة الحرب المستمرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2025.

محمد خالد، أحد النازحين في محيط برج "مشتهى"، غربًا، يقول: "عشنا في هذه المنطقة أسابيع معدودة، كنا تحت سقف خيمة لم أجد سواها لإيواء أسرتي لكن خلال دقائق انهار كل شيء، ولم يبقَ لنا سوى الملابس التي نرتديها."

إلى جانبه، وقفت زوجته تبكي: "كل شيء في حياتنا تحول إلى ركام. لم يعد لدينا أي مكان للإيواء، فقدنا منزلنا في شمالي قطاع غزة، والآن دمرت خيمتنا التي تؤوينا. لم يعد لدينا ما نملكه، لكننا باقون في مدينة غزة، ولن ننزح منها."

في مخيم مؤقت أقيم قرب مدرسة حكومية، يجلس الحاج سالم، وقد فقد منزله في "السوسي": "عشت عمري كله في تلك الشقة. الآن لا أملك حتى سريرًا."

ابنته البالغة من العمر 10 سنوات تقاطع: "اشتقت لكتبي وألعابي. لماذا أخذوا منا بيتنا؟"

أما أم علاء، التي كانت تسكن في "الرؤيا"، فتروي قصتها: "ظننا أن البرج سيحمينا. فجأة انهار أمام أعيننا. الآن نقيم مع أقاربنا في غرفة ضيقة."

رغم الكارثة، يؤكد الغزيون رفضهم النزوح خارج مدينتهم. يقول الشاب محمود عبيد: "الاحتلال يريد تهجيرنا، لكننا لن نترك أرضنا مهما فعلوا."

السيدة ياسمين محمود تقول: "دمّروا منزلنا ثلاث مرات، بنيناه من جديد كل مرة، فنحن أصحاب هذه الأرض ولن نغادرها."

العديد من العائلات التي فقدت مساكنها لجأت إلى مدارس مكتظة ومن لم يجد متسعًا لجأ إلى وضع خيمة في شوارع غرب مدينة غزة، ورغم الظروف القاسية، إلا لكنهم يصرون على الصمود وعدم مغادرة المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان من بين المحافظات الخمس لقطاع غزة.

المصدر / فلسطين أون لاين