فلسطين أون لاين

خاص خبير حقوقيّ: استهداف الاحتلال الأبراج السَّكنيَّة في غزَّة جريمة حرب تهدف لتهجير السُّكَّان

...
خبير حقوقيّ: استهداف الاحتلال الأبراج السَّكنيَّة في غزَّة جريمة حرب تهدف لتهجير السُّكَّان
غزة/ عبد الله التركماني:

قال شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، إن استهداف الاحتلال المتكرر للأبراج السكنية في قطاع غزة يشكّل "جريمة حرب مكتملة الأركان" وفق أحكام القانون الدولي الإنساني، محذرًا من أن هذه الممارسات لا تستهدف المباني فحسب، بل تهدف إلى تشريد السكان الفلسطينيين وحرمانهم من المأوى والأمن والكرامة.

وأوضح جبارين لصحيفة "فلسطين" أن "الأبراج السكنية ليست مجرد هياكل من الإسمنت، بل هي منازل تؤوي مئات العائلات الفلسطينية، وتدميرها يعني اقتلاع آلاف المدنيين من بيوتهم وتحويلهم إلى نازحين في العراء".

وأضاف أن القانون الدولي، ولا سيما المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة، يحظر بشكل واضح تدمير الممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي ذلك بصورة مطلقة، وهو ما لا ينطبق على ما يجري في غزة.

وأشار إلى أن مبدأ التمييز، المنصوص عليه في المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، يلزم الأطراف المتحاربة بالفصل بين الأهداف العسكرية المشروعة والأعيان المدنية المحمية. وقال: "الأبراج السكنية هي منشآت مدنية بحتة، واستهدافها ينتهك هذا المبدأ بشكل صارخ، كما يشكّل عقابًا جماعيًا محظورًا بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة".

ولفت جبارين إلى أن الاحتلال يحاول تبرير استهداف الأبراج بادعاءات فضفاضة بوجود مقاتلين أو معدات عسكرية داخلها، لكنه شدّد على أن هذه المبررات "لا تمنحها أي شرعية لتدمير مبانٍ كاملة فوق رؤوس ساكنيها"، موضحًا أن مبدأ التناسب في القانون الدولي يتطلب ألا تكون الأضرار اللاحقة بالمدنيين مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية المرجوة. "وفي حالة غزة، فإن الضرر الواقع على المدنيين شامل وكارثي، ولا يمكن تبريره تحت أي ذريعة"، قال جبارين.

وأكد مدير مؤسسة الحق أن استهداف الأبراج "ليس أضرارا ثانوية أو أخطاء عسكرية كما تدّعي دولة الاحتلال، بل هو نهج ممنهج يهدف إلى اقتلاع السكان قسرًا وفرض التهجير الجماعي"، مشيرا إلى أن هذه الممارسات تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان الأساسية، وعلى رأسها الحق في السكن والحق في الحياة والحق في الأمن الشخصي.

كما حذّر جبارين من أن تدمير الأبراج السكنية يقوّض البنية الاجتماعية والاقتصادية لقطاع غزة، ويضاعف حجم الكارثة الإنسانية، حيث تتحول آلاف العائلات إلى مشرّدين يفترشون الأرض بلا مأوى، وتزداد معاناتهم من الفقر، وانعدام الخصوصية، وغياب مقومات الحياة الكريمة.

وطالب جبارين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، قائلاً: "الاكتفاء ببيانات الإدانة لم يعد مجديًا. استمرار هذه الجرائم في ظل إفلات إسرائيل من العقاب يشجعها على المضي قدمًا في سياساتها التدميرية. المطلوب هو تحقيقات دولية جدية، ومساءلة جنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفرض إجراءات ملزمة توقف هذه الجرائم فورًا".

وختم بالقول: "ما يحدث في غزة اليوم اختبار حقيقي لجدية النظام الدولي في حماية المدنيين وفرض احترام قواعد القانون الدولي الإنساني. إذا استمرت دولة الاحتلال في تدمير الأبراج وتشريد العائلات دون محاسبة، فإن القانون الدولي لن يكون سوى نصوص معلقة على الورق، فيما تبقى إسرائيل حرة في ارتكاب المزيد من الجرائم بلا رادع".

وفي السياق، أدان مركز حماية لحقوق الإنسان انتهاج قوات الاحتلال الحربي سياسة تدمير الأبراج السكنية والبنايات متعددة الطوابق في مدينة غزة، تنفيذًا لمخططات التهجير القسري.

ووصف المركز في بيان صحفي أمس، هذه السياسة بأنها تصعيد خطير يشكل صورة من صور العقاب الجماعي والأعمال الانتقامية من المدنيين الغزيين.

وأكد أن سياسة التهديد والترويع للمدنيين الآمنين التي تمارسها قوات الاحتلال بهدف إجبار السكان على الهجرة القسرية لمناطق جنوب قطاع غزة يزعم جيش الاحتلال أنها أمنة لن تجدي نفعًا، وسط العلم اليقيني لدى سكان غزة بأنه لا يوجد هناك مكان آمن أو بمنأى عن الاستهداف المباشر للقوات الحربية.

وأشار إلى أنه لم يعد هناك أية خطوط حمراء في استهداف المدنيين وممتلكاتهم، والذين باتوا لا يعرفون إلى أين يتوجهون.

وطالب المركز المجتمع الدولي، بما فيه الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب، بالتدخل الفوري لوقف هذه الأعمال التي ترتقي إلى الانتهاكات الجسيمة والخطرة لقواعد القانون الإنساني الدولي.

ودعا الأمم المتحدة بكافة أجهزتها للتخلي عن سياسة الصمت المريبة تجاه انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي، والتي تصل إلى حد الجريمة ضد الإنسانية، بعد أن حرمت القوات المحتلة حوالي 2 مليون فلسطيني من حقه في اللجوء إلى مكان آمن.

وطالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق عاجل في جريمة استهداف الأبراج والمباني المدنية المحمية.

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين